«أنسنة» عقارات دبي
بحكم أن مصطلح «أنسنة» حديث نسبياً، يمكن تبسيطه بأنه جعل العقارات أكثر قرباً من الإنسان، بحيث يشعر الساكن بأن المكان ليس مجرد جدران وأسمنت، بل مساحة تلبي احتياجاته اليومية، تمنحه راحة اجتماعية ونفسية، وتشجعه على التفاعل مع محيطه لا العيش فيه فحسب.
في دبي اليوم لم يعد العقار يُنظر إليه بوصفه سلعة استثمارية فقط، بل عنصراً أساسياً في جودة الحياة، فبعض المطورين يتجهون حالياً نحو تصميم المشروعات من منظور الإنسان، حيث لا تُقاس القيمة بالعائد المالي فقط، بل بتجربة السكن والعمل والراحة أيضاً.
وقد تبنّت بعض شركات التطوير العقاري نهج «التصميم المرتكز على الإنسان» (Human-Centered Design) والمعروف اختصاراً بـ(HCD)، من حيث الإضاءة الطبيعية، والتخطيط الذكي، وتوفير مرافق تعنى بالرفاهية، لا بالأرقام فقط.
هذا النهج يجعل كل زاوية في المشروع تعكس أسلوب حياة ساكنيه بدءاً من الضوء الطبيعي، إلى المرونة في التخطيط، وصولاً إلى المساحات المخصصة للراحة والخدمة.
ومن النماذج اللافتة أيضاً على «أنسنة العقار» مشروع المدينة المستدامة في دبي، الذي يدمج بين مسارات المشاة والدراجات والمساحات الخضراء والمزارع المجتمعية داخل التجمع السكني، ليحوّل السكن إلى مجتمع حي ومتفاعل.
ويعكس هذا التحول وعياً جديداً لدى المشترين والمستأجرين والمستثمرين على حد سواء، فالسؤال لم يعد عن السعر والموقع فقط، بل عن التجربة اليومية: هل يمكنني المشي؟ هل البيئة تشجّع على التواصل؟ هل المكان يوازن بين العمل والعيش؟
ولكي تكتمل هذه الرؤية، لابد من تطوير كل عناصر البناء، من تخطيط المجتمعات السكنية إلى الخدمات الرقمية وإدارة الحياة اليومية، فحين يشعر الإنسان بالانتماء إلى المكان، لا يكتفي بشرائه، بل يعيشه، ويمنحه معنى جديداً.
في دبي لم تعد أنسنة العقارات ترفاً عمرانياً، بل تحولاً حقيقياً في مفهوم السكن، ولم يعد العقار وحدة يعيش فيها الإنسان، بل أصبح الإنسان هو من يسكنه بحياته وتفاعله معه، ليصبح البناء فضاءً للحياة لا مجرد أصل مالي.
* رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.