تحدي القراءة العربي.. مبادرة أحيت المدرسة وألهمت المعلم

الدكتورة سميرة النعيمي

تسع سنوات من «تحدي القراءة العربي» كانت كفيلة بإحداث نقلة نوعية في وعي الأجيال، وفي روح المؤسسات التعليمية التي وجدت في هذه المبادرة منصةً حقيقية لإحياء اللغة العربية في أروقة المدارس، وتجديد العلاقة بينها وبين طلابها ومعلميها، فمنذ انطلاقها، لم تكن المبادرة مجرد مسابقة للقراءة، بل مشروع وطني عربي متكامل أعاد للمدرسة دورها التربوي والثقافي، وللمعلم مكانته كموجّه وملهم، وللطالب شغفه بالمعرفة.

لقد استطاعت المبادرة أن تحوّل القراءة من نشاط فردي إلى حركة جماعية تتبناها المدارس بإدارة المعلمين والمشرفين، فخلقت بيئة تنافسية إيجابية دفعت المؤسسات التعليمية إلى تطوير برامج لغوية وأنشطة إبداعية داعمة للغة العربية. أصبحت حصص اللغة العربية أكثر حيوية وتفاعلية، والمكتبات المدرسية فضاءات حقيقية للحوار والبحث والاكتشاف. كما دفعت المبادرة إدارات المدارس إلى إعادة النظر في خططها القرائية ومناهجها التربوية، فصممت استراتيجيات لغرس عادة القراءة ضمن اليوم الدراسي، وربطت القراءة بالتفكير الناقد والكتابة الإبداعية.

أما معلمو اللغة العربية، فقد وجدوا فيها فرصة لتجديد أساليبهم وتوسيع أفق الطلبة في فهم النصوص والتعبير عن الذات، إذ أتاحت المبادرة لهم أدوات جديدة لتقييم مهارات الفهم والتحليل، وأبرزت أدوارهم كقادة تعلم يسهمون في بناء هوية لغوية راسخة في نفوس الجيل الجديد. لقد تحولت المدارس إلى ورش فكرية تُناقش الكتب وتحتفل بالكلمة، وأصبح كل معلم جزءاً من قصة نجاح طلابه في هذا التحدي.

إن الأثر العميق لهذه المبادرة يتجاوز الأرقام والجوائز، فهي مشروع حضاري لإحياء مكانة اللغة العربية في حياة الطالب اليومية، وبناء جسور بين التعليم والثقافة والمجتمع. ومع كل عام، يتجدد حضورها بحضور قائدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، الذي جعل من القراءة رمزاً لقوة اللغة العربية ونقطة انطلاق لمستقبلها، فـ«تحدي القراءة العربي» لم يغيّر فقط سلوك الطلبة، بل أعاد للمدرسة نبضها وللمعلم رسالته، وللعربية مكانها في وجدان الأجيال.

*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر