التحدي النافع

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

التحديات في الدنيا كثيرة، منها النافع والضار، وليس هناك تحدٍ نافع أفضل من تحدي القراءة العربي، الذي أطلقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فإنه تحدٍ طموح بقدر طموح سموّه في شعبه وأمته، فإن سموّه لا يألو جهداً في نفع أمته العربية والإسلامية، بل وشعوب العالم، فهو يريد أن تكون شعوباً متحضرة منتجة طامحة للمعالي والرقي، ومفتاح ذلك الطموح هو القراءة التي يكتسب المرء من خلالها المعرفة التي توصل إلى كل فضيلة كما قالوا:

وكلُّ فضيلة فيها سناءٌ

وجدتُ العلم من هاتيك أسنى

فلا تعتد بغير العلم ذُخراً

فإن العلم كنز ليس يفنى

وهذا ما أراده سموّه من مشروع التحدي العظيم، وقد فهم المشاركون أن هذا التحدي هو مفتاح نجاحهم، وسبيل طموحهم، فدلفوا إليه زُرافاتٍ ووحداناً، حتى تجاوز عددهم في هذه الدورة أكثر من 30 مليون مشارك، كلهم أسهم بقراءة ما استطاع أن يقرأ ليجتاز التحدي بنجاح، ومعلوم أن الرهان هو على الأوائل المستحقين للجوائز الضخمة التي جاد بها سموّه، ولا ريب أن كل مشترك هو فائز؛ لأنه قبِل التحدي وغامر، ودخل في المنافسة، فقرأ الكثير، وعلم أن القراءة متعة لا توازيها متع الحياة الآنِيَّة، كما قال الزمخشري رحمه الله:

سهري لتنقيح العلوم ألذُّ لي

من وصل غانيةٍ وطيب عناقِ

وتمايلي طرباً لحل عويصة

أشهى وأحلى من مُدامة ساقي

وألذُّ من نقر الفتاة لدُفها

نقري لألقي الرمل عن أوراقي

أو كما قال المتنبي:

أعزُّ مكان في الدنا سرج حابسٍ

وخير جليس في الزمان كتابُ

لا مفشياً سراً إذا أودعته

وتُفاد منه حكمةٌ وصوابُ

هكذا يقول الحكماء الذين خلدوا ذكرهم في القراءة والكتابة، وعرفوا أن العلم الذي هو أشرف ما يناله المرء في هذه الحياة إنما ينال بالقراءة، فخلّد الدهر ذكرهم، وتغنى العالم بمآثرهم، فلم لا ننافسهم بالفضائل؟ لاسيما وقد وجدنا من يشجعنا ويأخذ بأيدينا إلى كل رقي منشود، إنه شيخ الفضائل والفواضل صاحب الهمة القعساء صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، فقد بسط جوائزه المشجعة لأبناء أمته العربية والإسلامية ليجددوا حضارة أسلافهم بالعلم الذي أنار الدنيا، وفتح مغاليق التطوّر في كل فن، وشهد بذلك فلاسفة العالم، واعترفوا بأنهم تلامذة ابن سيناء والخوارزمي وابن الهيثم والرازي والكندي والفارابي والغزالي وابن رُشد وابن ماجد وابن خلدون وغيرهم، هؤلاء الذين تعطرت الدنيا وأضاءت بعلمهم إنما وصلوا إلى ذلك بالقراءة التي نقلتهم من النظر إلى الخبر، وكان لهم ذلكم الأثر.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر