الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان والمجتمع
يشهد العالم اليوم تحولاً نوعياً في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، ليس في مجالات الاقتصاد والصناعة فحسب، بل في الميادين المجتمعية التي تمس جودة الحياة اليومية للأفراد؛ فقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادراً على تعزيز كفاءة الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، من خلال تحليل البيانات، واستشراف الاحتياجات، وتقديم حلول مبتكرة بأقل كلفة وأثر أعلى.
وفي دولة الإمارات، تبرز نماذج رائدة في هذا المجال؛ فكثير من الخدمات المقدمة عبر منصة «تم» وغيرها من الخدمات في منصات الهيئات والمؤسسات الاجتماعية هي في الأصل تطبيقات ذكية تسعى إلى تحويل الخدمات الحكومية والاجتماعية الروتينية، التي كانت تستنزف وقت الأسر وجهدها، إلى تجربة رقمية ذكية تستجيب لاحتياجات الأفراد بمرونة وسرعة، وتمكّنهم من التركيز على أولوياتهم الاجتماعية. هذه النماذج تؤكد أن التقنية حين تُدار برؤية إنسانية تصبح وسيلة لتعزيز التكافل ودعم أفراد المجتمع.
كما تمتلك جمعيات النفع العام والمؤسسات الاجتماعية فرصاً كبيرة لتسخير هذه التقنيات في مجالات التطوع، والرعاية، ودعم أصحاب الهمم، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في إدارة المتطوعين، وتحليل البيانات الاجتماعية لتحديد الأولويات، وتخصيص الخدمات للأسر والمحتاجين بدقة عليا. ويمكنه أيضاً تقديم حلول ذكية في مجالات الإسكان والرعاية الأسرية من خلال قراءة البيانات المجتمعية واقتراح خيارات تتناسب مع احتياجات كل حالة.
وتبرز كذلك أهمية تمكين الشباب وتشجيعهم على ابتكار تطبيقات مجتمعية قائمة على الذكاء الاصطناعي، فالأفكار الجديدة قادرة على إحداث فرق حقيقي متى وُجدت البيئة الداعمة والتمويل المناسب. إن احتضان الإبداع الشاب في هذا المجال يرسّخ ثقافة الابتكار الاجتماعي، ويحوّل الذكاء الاصطناعي من أداة تقنية إلى شريك إنساني في بناء المستقبل وتحقيق الأمان الوظيفي لا تهديده.
فالذكاء الاصطناعي، حين يُوجَّه لخدمة الإنسان، يصبح أداة تمكين وكفاءة في آنٍ، ويُعزز من قدرة المجتمعات على التكيّف والاستدامة، ويُجسّد رؤية الإمارات في جعل التكنولوجيا وسيلة لبناء مجتمع أكثر تماسكاً وجودةً في الحياة.
*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.