درس قاسٍ

يوسف الأحمد

في أمسية اختلط فيها التوتر بالأمل، خسر «الأبيض» الإماراتي أمام نظيره القطري بهدفين مقابل هدف، في ختام التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026، ليضيع حلم التأهل المباشر وتتجه الأنظار مجدداً نحو الملحق. المباراة بدت أقرب إلى نهائي مصغّر، دخلها منتخبنا وهو يعلم أن نقطة واحدة تكفي، في حين لم يكن أمام «العنابي» خيار سوى الفوز الذي حققه في نهاية المطاف، بعد أن استثمر فرصه القليلة، وسجّل هدفين من كرتين ثابتتين، كشفتا خللاً واضحاً في تنظيمنا الدفاعي. وعلى الرغم من السيطرة النسبية التي فرضها «أبيضنا» في الشوط الثاني، فإن غياب الفاعلية الهجومية وتأخر التبديلات قلّصا فرص العودة، لاسيما أن هدف التقليص جاء في توقيت متأخر لم يُسعف الفريق لإحداث الفارق.

أصابع اللوم توجّهت مباشرة إلى الروماني كوزمين الذي لم يقرأ المباراة بالشكل الصحيح، وظهر حذراً إلى حد المبالغة في وقت كانت فيه الجرأة مطلوبة، حيث جاءت تبديلاته متأخرة وخالية من التأثير، كما أن الأخطاء الدفاعية المتكررة كانت معروفة ومتوقعة، ومع ذلك لم يُحسن التعامل معها، ليظهر منتخبنا بلا حلول حين تراجع الخصم، مع فشله في كسر التكتل الدفاعي أو تغيير نسق اللعب في لحظات الحسم. لكن ما أثار الجدل أيضاً هو الأداء التحكيمي الذي أدار اللقاء بصافرة ضبابية، خصوصاً مع التدخلات الخشنة، والإهدار المتعمد للوقت، وكأنه ركن مشروع لا يستحق العقاب، إضافة إلى فوضى المدرجات ودكة البدلاء، والاحتفال المستفز بالأهداف أمام جماهيرنا الذي مرّ بلا ردة فعل من الحكم، وكأن الانضباط يُطبق على طرف واحد فقط، في مشهد أثار الاستياء وزاد حالة التوتر داخل أرضية الملعب.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ما حدث لم يكن مجرد خسارة، بل درس قاسٍ يجب أن يُفهم جيداً ويُقرأ في سياقه الحقيقي، كون النتيجة لم تكن فقط نتاج صافرة مثيرة للجدل، أو تصرفات جانبية خرجت عن الروح الرياضية، وإنما كانت أيضاً انعكاساً لأداء باهت، لم يلامس تطلعات الجماهير ولا يليق بحجم الطموح.

لهذا فإن المستديرة لا تحفظ اللحظة فقط، بل تحفظ الذاكرة أيضاً، والصفحات القادمة من مشوار المنتخب قد تحمل ما يُعيد التوازن لما اختلّ، وما يعيد للثقة حضورها كذلك، فالأيام كفيلة بأن تضع كل مشهد في مكانه الصحيح، وتُظهر قيمة كل نتيجة وكل سلوك، بعيداً عن لحظة غضب أو فرحة عابرة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

تويتر