زكاة التمور

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

التمور من أجلِّ نعم الله تعالى على عباده، فالتمر غذاء نافع مفيد، امتنَّ الله تعالى بشجره أيّما امتنان، فقال سبحانه: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً﴾، فقدّم ذكر النخيل لكثرة فائدته، وسمى ثمرها رزقاً حسناً، وامتدح النخلة وثمرها بقوله سبحانه: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ﴾، أي متراكب قد نضد بعضه على بعض، لذلك تحبه البشرية كلها وتتغذى به كل النفوس البشرية، ولما كان كذلك أوجب فيه الحق سبحانه زكاةً حتى لا يحرم منه فقراء المسلمين، وتكون الزكاة سبباً لبركة الثمر ونمائه، وتطهير قلب صاحبه، كما قال سبحانه: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، وحقُّه هو ما أوجبه لمستحقي الزكاة، وهو نسبة قليلة من التمر - لا من الرطب - قدّرها الشارع بـ5% إن سُقيت بآلة وكلفة، أو 10% إن سقيت بماء المطر والنهر، تصرف هذه الزكاة في مصارفها الثمانية، وتخرج من جنس التمر وهو الأفضل، لما فيه من منفعة محققة للمحتاجين، أو من ثمنه.

وقد عقد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ندوة مباركة في الأول من هذا الشهر تحدثت عن جميع جوانب زكاة التمور، ابتداء من بيان نعمة الله تعالى على الدولة بهذه الشجرة، وما عُنيت به الدولة المباركة من لدُن تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حوَّل رمل الصحراء إلى واحة غناء من النخيل والشجر المختلف الألوان والأنواع، وعلى خطاه سارت القيادة الرشيدة التي ضاعفت جهد العناية بالنخيل، حتى غدت الإمارات كلها واحة نخل بما قُدّر بنحو 40 مليون نخلة، وثماراً بلغت مئات آلاف الأطنان من أنواع التمور المختلفة، كان من آثار ذلك أن وصل خير البلاد إلى مختلف البلدان إطعاماً وإغاثة وهدايا فاخرة.

والأمر المهم في الندوة كان بيان الواجب في زكاة التمور، حيث بذل المجلس عناية خاصة بتقدير ما يجب إخراجه زكاةً، بحسب الأوزان الجارية اليوم، وأنه يُقدّر بـ541 كيلوغراماً، وهي المسماة شرعاً بخمسة أصواع، وفيه 5%، واختار المجلس ألا يحسب ما يؤكل رطباً أو بسراً، لما ثبت من هدي النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لمن يخرصون التمر: «إذا خرصتم، فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تأخذوا أو تدعوا الثلث فدعوا الرُّبع»، ليكون ذلك سعة على صاحب النخل، وأن إخراج زكاة التمر نقداً، فباعتبار قيمة بيعه إن باعه، وكذا إن أراد أن يُبقيه ليهديه ويأكل ويتصدق، يخرج بقيمة القدر الواجب نفسه إن أخرجه من عينه، وهو 5% من القيمة السوقية لتمره.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر