هذا «سيستم»

أمل المنشاوي

قبل سنوات عدة كنت أراجع جهة حكومية في أبوظبي ودار نقاش بين أحد المراجعين وموظف بهذه الجهة حول إجراء ما يريد أن يتجاوزه المراجع بإصرار غريب لينجز معاملته في الوقت نفسه، فحسم الموظف الحوار بجملة بليغة، قائلاً «يا أخي هذا سيستم، تبي تكسره؟».

فكرة الالتزام بالنظام أحد أهم مقومات نجاح الاقتصاد في أي دولة، كونه الضمانة الأقوى ضد أي فساد إداري أو تضارب مصالح أو انتفاع شخصي على حساب مصلحة العمل وفي الوقت ذاته يضمن الشفافية ويحمي حقوق الجميع، ويعزّز الثقة العالمية ويدعم الاستدامة والنمو.

وعلى مستوى الجهات والمؤسسات الحكومية في دولة الإمارات، التطوّر في استخدام الأنظمة وضع إطاراً شفافاً للعمل واضحاً ونلمسه جميعاً بل ونمتن كثيراً له لما يوفره من وقت وجهد وسلاسة في الحصول على الخدمات.

أمّا على مستوى القطاع الخاص، خصوصاً الشركات الصغيرة فلايزال هناك حاجة إلى الكثير من العمل لتنظيم الحسابات والميزانيات وحركة التدفق النقدي، وغيرها من الجوانب المالية.

لوقت طويل مضى، ينظر أصحاب الأعمال خصوصاً الشركات الفردية وشركات الشخص الواحد، إلى مؤسساتهم على أنها كيان تابع لهم، وليس كياناً مستقلاً يفترض أن تكون له حساباته المصرفية وإدارته الخاصة المستقلة عن شخص المالك، هذه الفجوة ظهرت جلية مع تطبيق ضريبة الشركات، حيث واجه الكثير من الشركات مشكلات وتحديات في توفير المستندات اللازمة لإعداد الميزانيات المدققة والإقرارات الضريبية المطلوبة.

ورغم أن الهيئة الاتحادية للضرائب، منذ أكثر من عامين ونصف العام، مضت تدعو أصحاب الأعمال إلى الاستعداد لموعد تقديم إقراراتهم الضريبية وسداد ما عليهم، إلا أن الأسبوعين الأخيرين من شهر سبتمبر، شهدا العديد من التحديات نتيجة عدم الجاهزية.

وكما يُقال «رب ضارة نافعة» فلعل دخول ضريبة الشركات حيز التنفيذ اعتباراً من 30 سبتمبر الماضي، للأعمال التي استوفت مدتها، وتباعاً لبقية الشركات، فرصة لمراجعة أصحاب الأعمال الصغيرة لوضع شركاتهم المحاسبي وإعادة ترتيب دفاترهم ومستنداتهم، بما يضمن خلق نظام مالي وإداري قوي يساعدهم في النمو والتوسّع، ويصبح لديهم أيضاً كالجهات الحكومية «سيستم» لا يمكن كسره.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر