لماذا نستأجر في دبي؟

محمد نجيب*

لاشك في أن دبي من أكثر المدن جذباً للمقيمين والمستثمرين، ما يجعل قطاع الإيجارات يُشكّل محوراً مهماً في الحياة اليومية، ومن ثم حرصت الإمارة على ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر بحزمة من التشريعات الواضحة، أبرزها القانون رقم 26 لسنة 2007 وتعديلاته، الذي يضمن التوازن بين حقوق الطرفين ويمنع التعسف أو الاستغلال.

ومن أهم المواد التي ينص عليها القانون، تلك المتعلقة بزيادة الإيجار، إذ يجب أن تتم وفق مؤشر رسمي تُصدره مؤسسة التنظيم العقاري، بما لا يترك المجال لأي اتفاقات عشوائية، كما يُحدّد آليات إنهاء أو تجديد العقود، ويفرض على الطرفين الالتزام بالإشعارات الكتابية في المدد المحددة.

وفي إحدى القضايا ذات الدلالة على أهمية وجود مظلة تشريعية واضحة، مالك عقار حاول رفع قيمة الإيجار 40% دفعة واحدة، ما دفع المستأجر إلى اللجوء إلى مركز فض المنازعات الإيجارية، وتبين أن الزيادة غير متوافقة مع مؤشر مؤسسة التنظيم العقاري، فتم إلزام المالك بإعادة المبلغ الذي استقطعه من المستأجر، ما يعكس كيف يحمي القانون المستأجرين من تغوّل الملاك.

وفي المقابل، عانى أحد الملاك من مستأجر توقف عن دفع الإيجار أشهراً عدة، فأقام المالك دعوى، وصدر حكم لصالحه بإنهاء العقد وإخلاء العين المؤجرة، وهنا تدخل القانون لصالح المالك، ووفر له الحماية من إخلال المستأجر بالتزاماته.

هاتان الحالتان تعكسان جوهر التشريعات العقارية في دبي، وهو تحقيق التوازن، فالمستأجر محصّن من الزيادات المفاجئة أو الإخلاء التعسفي، كما أن حقوق المالك مصونة، وهذا يترجم جاذبية القطاع العقاري بشكل عام في الإمارة المحببة للجميع، لأن كثيراً من المستثمرين يشترون العقارات لتأجيرها والاستفادة منها مادياً، ولا يمكن أن يقبلوا على ذلك لو لم تكن هناك ضمانات كافية لحماية حقوق المالك والمستأجر.

كثير من النزاعات تنشأ بسبب جهل الأطراف بالقانون، لذلك من المهم أن يطّلع كل من المالك والمستأجر على حقوقه وواجباته، وأن يعلم أن المرجع الأساسي هو العقد المسجّل، والقوانين الصادرة عن مؤسسة التنظيم العقاري.

وفي النهاية يظل الالتزام والشفافية هما الضمانة الكبرى لعلاقة إيجارية مستقرة. ودبي بفضل تشريعاتها الرائدة، تُقدّم نموذجاً متوازناً يراعي مصالح الجميع، ويُعزز الثقة بسوقها العقارية.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر