خيراً فعلت بلدية دبي

*لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم

خطوة بلدية دبي الأخيرة بإنذار عدد من مكاتب الاستشارات الهندسية، بسبب المبالغة غير المبررة في التصاميم الإنشائية لفلل المواطنين، تستحق الإشادة والوقوف عندها طويلاً، فهي ليست مجرد إجراء إداري أو إنذارات عابرة، بل رسالة واضحة للوقوف بقوة ضد الممارسات التي تُثقل كاهل المواطنين والمستثمرين، وأن كود دبي للبناء ليس حبراً على ورق، بل منظومة مُلزمة تحفظ التوازن بين الجودة والكُلفة.

لقد كشفت الممارسات المرصودة أن بعض المكاتب بالغت في استخدام مواد البناء، وعلى رأسها الحديد، بما يضاعف الكُلفة دون مبرر هندسي، وهو ما يُعدّ إخلالاً بالمسؤولية المهنية والأخلاقية قبل أن يكون مخالفة تنظيمية. من هنا جاءت صرامة البلدية في التصدي لهذه الظاهرة، حماية لحقوق المُلّاك من جهة، وضماناً لبيئة بناء أكثر كفاءة واستدامة من جهة أخرى.

يأتي ذلك في وقت يُشكّل القطاع العقاري بدبي ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، وقوة تنافسية على مستوى المنطقة والعالم. لكن هذه المكانة لا يمكن أن تُصان إلا عبر الالتزام بالمعايير الهندسية والأنظمة التنظيمية، والحد من أي ممارسات قد تفتح الباب أمام الهدر المالي أو تقويض الثقة بالسوق.

وقد برهنت بلدية دبي من خلال هذه الخطوة أنها لا تكتفي بإصدار التعاميم، بل تتابع وترصد وتُحاسب، كما حدث سابقاً مع إيقاف مكاتب استشارية، ومنعها من مزاولة نشاطها لفترات محددة.

إنّ ما قامت به بلدية دبي يوجه رسالتين واضحتين: الأولى للمكاتب الاستشارية والمقاولين بأن الالتزام بالكود ليس خياراً، بل هو أمر واجب، والثانية للمواطنين والمُطورين بأن حقوقهم مُصانة، وأن أموالهم لن تُستنزف في تكاليف غير ضرورية.

وعليه، فإن هذه الإجراءات ليست فقط دفاعاً عن المستهلك، بل هي أيضاً استثمار في سمعة دبي مدينةً تضع قواعد صارمة، لضبط قطاعها العقاري، بما يرفع من جاذبية الاستثمار، ويحافظ على استدامة التنمية. بالفعل، خيراً فعلت بلدية دبي.

* رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر