خصومة الأشقاء

محمد نجيب*

من القضايا المهمة التي تستدعي التأمل إنسانياً وقانونياً، نزاع حدث بين رجل وشقيقته الكبرى، التي طلب منها - حسب ادعائه - شراء شقق لصالحه، وسلمها جزءاً من ثمنها نقداً، وجزءاً آخر في صورة تحويلات إلى حسابات بنكية تخص أشقاء آخرين لهما.

الأخ الأصغر برر موقفه بأنه يعيش خارج الدولة ولا يملك حساباً بنكياً، لذا استعان بشقيقته لاستثمار أمواله، وكان الاتفاق أن تشتري الشقق وتؤجرها، وتفتح حساباً بنكياً باسمه، لتودع فيه ريع الإيجار.

وأفاد بأنها استخدمت نفوذها الأدبي، باعتبارها الشقيقة الكبرى، لمنعه من المطالبة بحقوقه، ثم رفضت نقل ملكية الشقق باسمه ليتعقد الموقف بينهما ويقاضيها طلباً لحقوقه.

في الجانب المقابل، أكدت المدعى عليها عدم صحة كل ما ذكره شقيقها، وأنها تملك جميع العقارات المتنازع عليها، ولديها ما يثبت ذلك وفق العقود المسجلة في الدوائر المختصة، موضحة أن التحويلات المالية التي يتذرع بها شقيقها ما هي إلا معاملات مالية معتادة بين أفراد الأسرة الواحدة.

الشقيق المدعي لم يملك أي إثبات على صحة دعواه سوى رسائل متبادلة بينهما عبر «واتس أب» تدور حول تحويلات مالية، وطلب المساعدة في سداد رسوم الخدمات للوحدات محل النزاع، فيما لم يدر أي حديث بينهما حول ملكية الشقق، أو حتى إقرار منها بحقه في بيعها أو تأجيرها لصالحه، كما خلت أوراق الدعوى من أي دليل يثبت صلته بالعقارات المملوكة لها.

وفي النهاية لم يجد أمامه سوى طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى شقيقته، لكن المحكمة رأت أن طلبه غير منتج في الدعوى، لخلوها من أي دليل على واقعة البيع أو الشراء.

واستندت إلى أوراق القضية التي كانت تصب في مصلحة المدعى عليها، ورفضت دعواه في مرحلتي الابتدائي والاستئناف.

هذا النوع من النزاعات بين الأشقاء أو الأقارب متكرر، ولجوء أطرافه إلى المحاكم لا يعكس إلا حقيقة واحدة، هي انقطاع الروابط الأسرية والإنسانية في ما بينهم، ومن ثم نؤكد مجدداً على ضرورة توثيق المعاملات لضمان حفظ الحقوق، وتحصين الذمم من تقلبات الزمان والظروف، فالقانون هو الملاذ الآمن للجميع، خصوصاً إذا تغيرت المشاعر وتبدلت الضمائر.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر