قصص مؤلمة

محمد نجيب*

رسائل عدة تلقيتها تعليقاً على المقال السابق، حول التغير المقلق في سلوكيات الأبناء خصوصاً المراهقين نتيجة تأثرهم بنماذج يعتبرونها ناجحة على منصات التواصل الاجتماعي.

النجاح يقاس من وجهة نظر كثير من الصغار بما يحققه قدواتهم على تلك المنصات من ثراء وشهرة، ولا عجب أن نجد آباء يشجعون أطفالهم على اقتحام هذا العالم، واستغلالهم في محتوى لا يناسب أعمارهم طمعاً في المال السهل السريع.

الوضع مربك وصعب ومعقد، ولاشك أن دولة الإمارات تعد نموذجاً رائعاً، سواء في الرصد والمتابعة أو تطبيق إجراءات وسن تشريعات توفر الحماية الكاملة للأطفال، وتحد من تأثير هذه المنصات على ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده الرصينة.

شعرة رقيقة صارت تفصل بين حقوق الأبناء والمساحة التي يجب أن تتاح لهم للتعبير عن أنفسهم والتصرف بحرية، وبين سلطة الآباء في تقويمهم وتهذيبهم حال جنوحهم أو انحرافهم عن المسار الأخلاقي للأسرة والمجتمع.

يجب أن نعترف بأن هناك تأثراً واضحاً بثقافات أجنبية تقلص من صلاحيات الآباء، وشكا لي أصدقاء من أن أبناءهم (ذكوراً وإناثاً) يجادلونهم أحياناً بحجج قانونية، ويتذمرون من تدخل ذويهم في شؤونهم الخاصة.

لقد انضمت دولة قطر أخيراً إلى قائمة البلدان التي حظرت لعبة «روبلوكس الشهيرة» بعد أن رصدت تأثيرها السلبي على الأطفال، وتحولها إلى مجتمعات رقمية يتسلل إليها أشخاص بالغون يمثلون تهديداً على الصغار، فضلاً عن دورها الواضح في تشكيلهم نفسياً وسلوكياً بصورة مقلقة.

وبحسب تحقيق مشترك أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية وشركة أبحاث متخصصة في السلوك الرقمي، فإن هناك أخطاراً عدة يتعرض لها الأطفال على تلك المنصة التي تستقطب عشرات الملايين حول العالم، من بينها صعوبة الرقابة على المحتوى، وعدم قدرة الأهل على التمييز بين المحتوى المناسب وغير المناسب لأطفالهم. وشارك آباء قصصاً مؤلمة إحداها لطفل في العاشرة تعرض للتحرش، وفتاة دون التاسعة أصيبت بصدمة من مشاهدة محتوى إباحي.

أدرك جيداً أن الحظر لم يعد مجدياً في ظل انتشار قنوات خلفية للتحايل على ذلك وتحميل تلك الألعاب والمنصات من مصادر مختلفة، لكن ما باليد حيلة، فلا يوجد بالإمكان أفضل من ذلك، على الأقل في الوقت الراهن.. وللحديث بقية.

*محكم ومستشار قانوني

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر