الشركات العقارية العائلية والضرائب

محمد عبدالرزاق المطوع

تواصل دولة الإمارات تعزيز مكانتها واحدة من أبرز النماذج العالمية في مجال السياسات الضريبية الذكية التي تُوازن بين تشجيع الاستثمار، وتحقيق الشفافية، وترسيخ مبادئ الحوكمة المؤسسية. وتُعدّ منظومتها الضريبية مثالاً يُحتذى في المرونة والكفاءة، ما يجعلها بيئة مثالية لمختلف أنواع الشركات، بما فيها الشركات العقارية ذات الطابع العائلي.

وفي هذا الإطار تبرز بعض النقاشات الإجرائية بين الشركات العائلية العاملة في القطاع العقاري، حول أفضل السبل للامتثال لمتطلبات النظام الضريبي، لاسيما ما يتعلق بإعادة تنظيم ملكية الأصول العقارية. وتسعى هذه الشركات - التي تحتفظ بأصول طويلة الأمد ضمن خطط تنظيم الملكية العائلية والتوريث - إلى الامتثال الكامل للأنظمة الضريبية، بما يعكس التزامها المستمر بالممارسات المؤسسية الرائدة.

وقد وجدت بعض هذه الكيانات نفسها أمام خيارين إداريين، يتمثّل أحدهما في إعادة تسجيل الأصول العقارية بأسماء الشركاء الطبيعيين، ما يتطلب رسوم تحويل عقاري بنسبة 4%. وعلى الرغم من أن هذا الإجراء يعكس التزام الدولة بتنظيم الملكية وتحقيق الوضوح القانوني، فإن العديد من الشركات ترى في هذا الخيار فرصة لإعادة تقييم الهيكل القانوني، بما يعزز استدامتها على المدى البعيد.

وما يُحسب للمنظومة الضريبية في الإمارات هو قدرتها الدائمة على التكيّف مع احتياجات السوق، وتنوّع الكيانات العاملة فيها، ما يفتح الباب أمام دراسة آليات تنظيمية مرنة تراعي الخصوصية الفريدة للشركات العقارية العائلية. فهذه الشركات التي لا تنخرط عادة في أنشطة البيع والشراء التجارية النشطة، تُسهم بشكل كبير في استقرار السوق العقارية، وتعزيز استثمارات المواطنين.

ومن هذا المنطلق، قد يكون من المفيد بحث آفاق تنظيمية جديدة تُسهّل على هذه الفئة من الشركات استكمال متطلبات الامتثال، بطريقة تنسجم مع طبيعة نشاطها العائلي طويل الأجل. مثل هذه المسارات التنظيمية من شأنها أن تُحفز المزيد من الكيانات العائلية على ترسيخ نماذجها المؤسسية، ما يتماشى مع الرؤية الوطنية لتعزيز الشفافية، وحوكمة القطاع الخاص.

وتجدر الإشارة إلى أن التحديات التي قد تواجه بعض الشركات العقارية ليست نتيجة للأنظمة الضريبية ذاتها، بل تعكس الحاجة إلى حلول مرنة تأخذ في الاعتبار خصوصية بعض الهياكل القانونية، وهو ما اعتادت الإمارات على توفيره، في إطار استراتيجيتها الدائمة لتحفيز النمو المستدام والامتثال الطوعي.

إن تجربة الدولة في هذا المجال تُبرهن على ريادتها العالمية في تصميم أنظمة ضريبية ذكية تعزز بيئة الأعمال، وتدعم مصالح المستثمرين، وتفتح آفاقاً واسعة للنمو والتنمية المستدامة، دون المساس بالمبادئ الأساسية للحوكمة الاقتصادية.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر