ثقافة التبرع.. استثمار في بناء المجتمع
ثقافة التبرع متجذرة في المجتمع الإماراتي، ومتأصلة في هويتنا الوطنية المستمدة من قيمنا الإسلامية، وتنسجم مع تطلعات «عام المجتمع» في تعزيز ثقافة الإخاء والترابط والتعاضد الإنساني. وقد اختطت دولة الإمارات نهجاً متميزاً وأسلوباً متفرداً في تعزيز أوجه العمل الخيري ونجحت في تحويله إلى عمل مستدام، وثقافة راسخة لدى أفراد المجتمع كافة.
وتمتلك الإمارات تجربة فريدة في مأسسة العمل الخيري، وقد كانت من أوائل الدول التي سارعت إلى تنظيمه عبر وضع كل الأطر التشريعية والتنفيذية التي تضمن له المرونة وسرعة التحرك، إضافة إلى فتح المجال أمام جميع فئات المجتمع للإسهام في الأعمال الخيرية عبر وسائل عدة تشمل التطوع والتبرع ودفع الزكاة.
وقد حدد القانون الإماراتي بوضوح القواعد المنظمة لأنشطة جمع التبرعات، ونظم عملية جمع وتلقي وتقديم التبرعات حتى لا يجعل المتبرعين عرضة للاحتيال والاستغلال، فالتبرع ليس مجرد فعل إحسان مؤقت يهدف لسدّ حاجة عاجلة؛ بل استثمار عميق في بناء مجتمع أكثر استقراراً وتماسكاً.
عندما تُدار الصدقات بحكمة وتُوجه بشكل صحيح، تتحول إلى أداة فعّالة لتحقيق تنمية مستدامة على المستويين الفردي والجماعي.
لذا من الضروري توخي الحذر وعدم الانصياع إلى حملات جمع التبرعات غير المرخصة، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الرسائل النصية القصيرة أو في الأسواق والمحال التجارية، وألا نكون فريسة لبعض المحتالين وعصابات الجرائم الإلكترونية، التي تستغل التعاطف الإنساني مع ضحايا الحروب والكوارث، بإطلاق صفحات وحسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو إرسال رسائل من أرقام هواتف في بلدان مختلفة للترويج إلى مبادرات وهمية تهدف إلى مساعدة الضحايا والنازحين من الحروب الدائرة في بعض بلدان المنطقة، أو علاج مرضى أو بناء دور عبادة، بغرض الاستيلاء على أموال المحسنين.
يجب أن نفكر قبل أن ننساق وراء عواطفنا: إلى من تذهب أموالنا؟ خاصة مع وجود العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية المرخصة والمعتمدة من الجهات الرسمية، والمصرح لها قانوناً بجمع التبرعات، إذ يمكننا تقديم التبرعات العينية أو المالية لها، أو إيداع التبرعات في الصناديق المتوافرة في المراكز التجارية والأماكن العامة.
*محامٍ وسفير النوايا الحسنة لجمعية «تحقيق أمنية» وناشط اجتماعي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه