عيال دبي

عيسى عبدالله الزرعوني*

قالوا إن كثرة الجنسيات ستأخذ من عيال دبي طبعهم ولهجتهم، وتُذيبهم في زحمة العالم، لكنهم ما عرفوا دبي.

دبي ما ربّت يوماً جيلاً هشّاً، بل أخرجت أبناءً صقلهم التنوع، وزادتهم العشرة مع الآخرين فطنة ومرونة، لا ذوباناً ولا تخلّياً عن الأصل، مثلها مثل المدن الساحلية الأخرى المرتبطة بالشرق والغرب ببضائعهم وثقافتهم منذ 300 سنة إلى الآن.

من هنا وُلدت مبادرة تحدي الإعلامي الصغير.

فكرة بسيطة ولكنها عميقة؛ فريق صغير، ومدرسة فتحت أبوابها، وصاحب مبادرة آمن بأن أصوات الصغار يمكن أن تعبّر عن دبي كما يجب. انطلقت بمشاركة 21 طالباً وطالبة في نسختها الأولى، وارتفع العدد إلى 60 مشاركاً في النسخة الثانية، وقف هؤلاء الطلاب أمام الكاميرا ليتعلموا الإلقاء وفن الحوار، ليسوا مجرد متدربين، بل مواهب تُصقل لتكون جزءاً من مشهد دبي الإعلامي القادم.

هذه المبادرة لم تكن عملاً حكومياً رسمياً، بل وُلدت من حرص شخص واحد، آمن بأن صوت عيال دبي لا يقل عن أي صوت عالمي، وأن كل ما نحتاجه هو أن نفتح لهم الأبواب، كما فعلت مدارس دبي الخوانيج بكل سخاء.

وكما أطلقت دبي مبادرات مثل مؤذن الفريج وفرجان دبي لتوثيق العلاقة بين الناس وأحيائهم، جاءت هذه المبادرة استكمالاً لذلك العقد المجتمعي، ولكن بصوت إعلامي جديد، يُشبه الجيل، ويُعبّر عنه.

وفي عام المجتمع، العام الذي كرّسته حكومة الإمارات لتعزيز القيم والعلاقات، لا نجد مبادرة أصدق من هذه، لأنها تمس الطفل، والأسرة، والمدرسة، والإعلام.

كم أتمنى أن تجد هذه المبادرة حضناً راعياً لها من مؤسساتنا الإعلامية أو الحكومية، لتصبح «مواهب دبي» شاملة، ومثل ما يقوم المدربون المحترفون لكرة القدم بالبحث عن لاعبين من الفرجان لينضموا للفرق الكبيرة، فلتكن مبادرة «تحدي الإعلامي الصغير» باحثة عن أي موهوب، ليأخذنا لما هو أبعد بحلمه واجتهاده.

هذه ليست تجربة مؤقتة، بل نواة لصناعة إعلامية تبدأ من الصف، وتصل إلى الشاشة.

والرسالة الأخيرة لكل من يقرأ:

دبي لم تكن يوماً متفرّجة.

هي من تصنع الحدث، وتُبهر به.

وستبقى كذلك.. بأفكارها، بأهلها، وبـ«عيالها».

*إعلامي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر