عصر الترميز
دخلت سوق العقارات في دبي مرحلة جديدة من التحول الرقمي، مع بروز مفهوم «ترميز العقارات»، كأحد أبرز الابتكارات التي تُشكّل مستقبل الاستثمار العقاري في المنطقة، وتتيح هذه التقنية تحويل الأصول العقارية إلى رموز رقمية قابلة للتداول باستخدام تقنية «بلوك تشين»، ما يمنح المستثمرين فرصة امتلاك حصص في عقارات فاخرة من دون الحاجة إلى شراء الأصل بالكامل.
في غضون أسابيع قليلة من إطلاق منصات ترميز عقاري متخصصة، سُجل إقبال غير مسبوق من المستثمرين من مختلف الجنسيات، حيث جرى تمويل وحدات سكنية بالكامل في غضون دقائق، وتشير بيانات هذه المنصات إلى أن بعض العقارات تم تمويلها بالكامل في متوسط زمني لا يتجاوز ثلاث دقائق، ما يعكس سرعة الاستجابة والثقة العالية من المستثمرين تجاه هذا النموذج الجديد.
ينبع هذا التحول من الحاجة إلى بدائل استثمارية أكثر مرونة وشفافية، تلائم تطلعات جيل جديد من المستثمرين الباحثين عن فرص مجزية بحدود مالية أقل، من دون التضحية بجودة الأصول أو وضوح العمليات. وفي ظل الإشراف الرسمي والتنظيم الحكومي الذي يواكب هذه المبادرات، بات من الممكن الاستثمار في العقارات عبر نماذج تمويل جماعي تعتمد على تقنية موثوقة وآمنة.
وتُظهر الإحصاءات مشاركة واسعة من مستثمرين مقيمين في دولة الإمارات يُمثّلون أكثر من 50 جنسية، إضافة إلى مستثمرين دوليين من كندا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وغيرها، ما يبرز الطبيعة العالمية لهذا الاتجاه الناشئ.
على سبيل المثال، شهد مشروع عقاري تمويلاً كاملاً من مئات المستثمرين في غضون 10 دقائق، في حين جرى تمويل مشروع آخر في منطقة حيوية بدبي خلال ثلاث دقائق فقط، وهو ما لم يكن ممكناً في نماذج الاستثمار التقليدي.
ترميز العقارات لا يقتصر على تبسيط عملية التمويل فحسب، بل يتيح أيضاً تداول الحصص الرقمية بسهولة، ما يعزز من سيولة الأصول العقارية ويجذب شريحة جديدة من المستثمرين، بمن فيهم الأفراد الذين لم تكن لديهم القدرة سابقاً على دخول هذا السوق المرتفع الكُلفة.
وفي ظل التوقعات بأن تصل قيمة سوق الترميز العقاري عبر الرموز الرقمية في دبي إلى نحو 60 مليار درهم بحلول عام 2033، تتجه الإمارة نحو مرحلة أكثر تقدماً في الاقتصاد الرقمي، معززة مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار في القطاع العقاري.
هكذا، يمكن القول إن «عصر الترميز» قد بدأ بالفعل، ليس فقط كمفهوم تقني، بل كنقلة نوعية في طريقة فهمنا للملكية، والاستثمار، والمشاركة في الفرص العقارية بطريقة أكثر عدالة وانفتاحاً.
*رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه