صيف دبي 2025
رغم الحرارة المرتفعة، تحوّل صيف دبي إلى موسم سياحي فعلي، يستقطب شريحة متزايدة من الزوار من الخليج والعالم، إلى جانب السياحة الداخلية. ويعود ذلك إلى استراتيجيات مبتكرة من دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، تجمع بين تنويع الفعاليات، ومرونة التسعير، وتعزيز الترفيه المكيف.
فمن إطلاق حملة «مفاجآت صيف دبي»، لتشكّل محركاً رئيساً للسياحة المحلية والدولية بعروض تسوّق ضخمة وفعاليات تناسب العائلات والشباب، إلى جانب تسهيلات الطيران والعروض الشاملة على التذاكر والإقامة التي أسهمت في جذب السياح الباحثين عن وجهة آمنة وعالية الجودة لقضاء العطلة، وسط بيئة ترفيهية متكاملة، تشمل مراكز التسوق الكبرى، والمتاحف، وحدائق الألعاب المكيّفة.
أما سياح العالم، فقد حفزتهم أسعار الإقامة التنافسية، والتجربة الثقافية والترفيهية الثرية، مثل متحف المستقبل، ومراكز الفنون، و«أكاديمية المؤثرين» التي تعزز محتوى الترويج الذاتي للإمارة. وبرز هذا العام اهتمام خاص من السياح القادمين من ألمانيا وفرنسا وبولندا، وفق بيانات مكاتب السفر، التي رصدت تحوّلاً في الطلب من السياحة الساحلية إلى السياحة المدنية التقنية والثقافية.
ولا يغيب عن المشهد الصيفي في دبي اهتمام خاص بفئة الأطفال، الذين يشكّلون محوراً رئيساً في اختيار الوجهة السياحية لدى العائلات. فقد وفّرت المدينة مجموعة واسعة من الفعاليات والأنشطة المخصصة للصغار، مثل المخيمات الصيفية التعليمية، والعروض المسرحية، وورش العلوم والفنون. كما تقدم العديد من الفنادق باقات صيفية تشمل دخولاً مجانياً للأطفال إلى وجهات ترفيهية، ما يضيف قيمة حقيقية للعائلات المقيمة والزائرة على حد سواء.
اقتصادياً، يشكّل الصيف تحدياً سنوياً لقطاعي التجزئة والضيافة، اللذين يعانيان عادة تراجعاً في الطلب، لكن عام 2025 يشهد تحسناً مهماً في استقطاب الزوار خلال «الموسم الحار». وتشير تقديرات أولية إلى أن عائدات القطاع السياحي في دبي خلال الصيف قد تتجاوز 14 مليار درهم، مع تسجيل إشغال مرتفع في الفنادق ذات الطابع العائلي، والشقق الفندقية المبرّدة.
ورغم هذه الإيجابيات، لاتزال التحديات قائمة، مثل محدودية الربط بين الفعاليات والعروض الاقتصادية، ناهيك عن الحاجة إلى تسويق رقمي أوسع، يستهدف فئات جديدة من المسافرين.
ومن المهم أيضاً تسليط الضوء على تبنّي تجارب افتراضية ومعزّزة، بما يعكس تطور مفهوم العطلة التقليدية، فدبي تملك نموذج «السياحة الحضرية الذكية»، وتستطيع دعم الأنشطة الليلية، وتحفيز الشراكات مع شركات التقنية والسفر الإلكتروني، بما يرسخ موسماً سياحياً دائماً لا تقيّده الحرارة، بل تقوده الاستراتيجية والابتكار، ويؤسس لنموذج جديد للسياحة الخليجية في ظل التغيرات المناخية العالمية.
كاتب وباحث
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه