تفاؤل مشروط

يوسف الأحمد

جاء إعلان القائمة الأخيرة لمنتخبنا الوطني استعداداً للملحق المونديالي حاملاً كثيراً من الأسماء، وقليلًا من الطمأنينة، إذ بدا واضحاً أن الوجوه الوافدة طغت على التشكيلة، في خطوة أعادت الجدل إلى أوساط الشارع الرياضي، بين من يراها ضرورة فنية لابد منها في هذه المرحلة، ومن يعتبرها تجاوزاً لمشروع البناء والتطوير الفعلي لكرة الإمارات.

ولعل ما رفع نبرة الاستياء هو انخفاض عدد الأسماء المحلية التي كانت تُمثّل - حتى وقت قريب - ثوابت فنية وجماهيرية في تشكيلة «الأبيض»، ما عمّق الشعور بأن معايير الاختيار باتت مختلفة والثقة باللاعب المحلي آخذة في التآكل، لتصبح العلاقة بين الجمهور والمنتخب أكثر بروداً، وربما أكثر تشكيكاً في المخرجات. فلا خلاف على أن بعض العناصر فرضت حضورها في مناسبات سابقة، وأسهمت في تحسين الصورة، لكن المسألة لا تتعلق بنتيجة آنية، بل بمنظومة تحتاج إلى اتساق في الرؤية، وانصهار في الروح مع امتداد في العمق المحلي. فحين تصبح وسيلة التجنيس القاعدة والركيزة، يأتي هنا الاستفهام عن دور الأكاديميات ومخرجات الأندية، وعن الجدوى لبرامج التدريب والتطوير، إذا كان الطريق يُختصر بقرار إداري لا بجهد سنوات.قد يكون التجنيس ورقة مشروعة في عالم المستديرة الحديث، لكن نجاحها يُقاس بمدى الانسجام والانتماء، ثم القدرة على صنع الهوية والشخصية، فالمكاسب لا تُبنى بالقرارات السريعة، بل بالمشروعات الممتدة والثقة المتبادلة بين القائمين على اللعبة ومَن يصنعونها في الميدان. لكن ربما كان هناك سبب فرض هذا الواقع يتمثل في عدم القدرة على مجاراة نسق المنافسات القارية من حيث الجاهزية البدنية والمهارة الفارقة، مثلما كان تراجع مستوى فرقنا وتذبذب أداء العناصر المحلية، قد فتح باباً آخر للجوء إلى ما يمكن اعتباره حلاً إسعافياً يعالج الوضع الحالي، لا مشروعاً استراتيجياً يُعوّل عليه لمستقبل طويل الأمد.

وعلى الرغم من علامات الاستفهام، تبقى التوقعات معلقة بين حذر منطقي وتفاؤل مشروط، فهناك من يرى في هؤلاء قيمة مضافة قادرة على صنع الفارق وتقوية المجموعة بتعزيز حظوظنا، بينما يرى آخرون أن الروح الجماعية والتجانس قد يلعبان دوراً بجعل هذه الأسماء إما أدوات رابحة أو عبئاً لا يطاق. فالكرة ستكون في المستطيل، وسننتظر كيف ستنطلق هذه القائمة وتُحلق نحو حلم طال انتظاره، أو تكون كسابقتها ضمن سلسلة الاجتهادات المؤقتة، مع تأكيد أن الموهبة يمكن اكتشافها أو استقطابها، لكن الشخصية والهوية لا تُمنحان، بل تبنيان بالصبر والعمل.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر