هل بدأت منهجية الملكية الذكية في الخليج؟

إسماعيل الحمادي

يبدو أن «الترميز العقاري» ومنهجية الملكية العقارية الذكية بدأت تتوسع في المنطقة، وقد لا تقتصر على دبي فحسب، السباقة لتبني هذا النوع من الاستثمار العقاري إقليمياً وعالمياً. بعد أسابيع من إطلاق أول مشروع ترميز عقاري بالعالم في دبي، تقرر السعودية تبني أول مشروع ترميز عقاري فيها، وإدخال الملكية الجزئية للأصول العقارية عالية القيمة، لتمكين المواطنين السعوديين من الاستثمار بمبالغ بسيطة أو ضخمة بالريال السعودي، قد تبدأ بريال واحد فقط، بحسب خبر نشره موقع شبكة «CNN» الاقتصادية. وقد يدفعنا هذا الأمر إلى التساؤل: هل هناك تحول مرتقب في هذا المجال؟ وهل سنشهد منافسة في المنطقة بهذا النوع من الاستثمار؟

الخطوة الجريئة التي أحدثتها دبي في مفهوم الاستثمار العقاري، ونقله من شكله التقليدي إلى نموذج رقمي مرن، يتيح التملك الجزئي عبر تقنية «بلوك تشين»، ويخفض الحواجز المالية أمام المستثمرين، بدأت شرارتها الأولى تنتشر إقليمياً.

وما يحدث ليس مجرد تطور تقني، بل تحول استراتيجي في أسلوب الاستثمار العقاري في الخليج. فمع تبني سوقين عقاريتين كبيرتين مثل الإمارات والسعودية هذا النهج في وقت متقارب، تأكد لنا أننا أمام بداية لتكامل إقليمي في بناء سوق عقارية رقمية عابرة للحدود.

في الواقع، الترميز العقاري قد يعيد رسم الخريطة الاستثمارية بالكامل، فبدلاً من اقتصار التملك على الأثرياء أو المؤسسات الكبرى، باتت السوق مفتوحة لصغار المستثمرين، مع ضمانات قانونية وشهادات ملكية مرمّزة تصدرها الجهات الرسمية.

تكمن القوة الحقيقية لهذا النموذج في قدرته على تحقيق العدالة المالية، وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية في آن واحد معاً. ومع تسهيل الدخول والخروج من الصفقات، وتوفير بيانات شفافة وسجلات غير قابلة للتزوير، فإن السوق العقارية الخليجية تستعد لتحوّل جذري، وإذا كانت دبي قد فتحت الباب أمام هذا التغيير، فإن دخول الرياض على الخط يؤكد أننا نعيش بداية موجة إقليمية، قد تمتد لاحقاً إلى بقية عواصم المنطقة العربية الباحثة عن أدوات تمويل جديدة، وبيئات استثمارية أكثر ديناميكية.

«الترميز العقاري» لم يعد مجرد توجه استثماري جديد، بل تحول جذري في فلسفة تملك العقار والاستثمار فيه، ولن يصبح مجرد مفهوم تجريبي أو توجه مستقبلي، بل مسار رئيس في منظومة الاستثمار العقاري الحديثة، ومن يتأخر عن اللحاق بهذه الموجة، فقد يجد نفسه خارج لعبة الاستثمار الكبرى.

قد تؤسس هاتان الانطلاقتان لمنظومة تعاون إقليمي تعزز من مكانة الخليج كمركز عالمي للابتكار العقاري، ما يحوّل المنطقة إلى مختبر عالمي لريادة الأعمال العقارية المستقبلية.

@ismailalhammadi

Ismail.alhammadi@alruwad.ae

 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر