نُضج إداري في الوصل

يوسف الأحمد

في وقتٍ تتسارع فيه التحوّلات داخل الأندية، لم يكن غريباً أن يشهد نادي الوصل تغييراً إدارياً، بدا للوهلة الأولى هادئاً، لكنه حمل في طياته دلالة واضحة حول المسار القادم لـ«الإمبراطور» العائد إلى واجهة المنافسات والبطولات مجدداً، إذ لم تطفُ على السطح أي نبرة خلاف، ولم يخرج تصريحٌ أو جدلٌ إعلامي في محيطها، بل جاء القرار في إطار أقرب إلى التوافق، ما يعكس نُضجاً إدارياً واحتراماً لهيبة وقيمة الكيان، لكن السؤال هنا: لماذا هذا التغيير الآن؟

لفهم المشهد بشكل أعمق، يجب النظر إلى قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة، الذي بدا كأنه رسالة لتغيير النموذج الإداري بالنادي من إدارة تقليدية إلى حوكمة مؤسساتية تفصل بين الإدارة العامة والنشاط الرياضي، وتمنح شركة الكرة مزيداً من الاستقلال الاحترافي، الذي فرضه التغيير كنتيجة منطقية لهذا التحوّل. فحين تتغير البنية، يُصبح من المنطق أن تُعاد صياغة الأدوار والمسؤوليات، بما يتطلب أيضاً وجوهاً جديدة وأدوات قيادة مختلفة، رغم احتمالية التباين والاختلاف في وجهات النظر بين المجموعة، لاسيما في ظل تضاعف التحديات والطموحات.

الوصل لم يعد مجرد فريق ينشد استعادة وضعه الطبيعي، بل أصبح على أعتاب مشاركة آسيوية، وسط تطلعات حالمة لعشاقه بتحقيق إنجازات تتجاوز حدود التنافس المحلي.

اليوم، تقف جماهير الوصل على عتبة واحدة بين مشاعر الامتنان لمن غادر والترحيب بمن أتى، فالوضع يتحدث عن استقرار إداري بحضور مدرب يملك مشروعاً فنياً طموحاً، مع التعاقد المبكر للعناصر الأجنبية، فكل ذلك يوحي بأن الشق الفني يسير في الاتجاه الصحيح، لكن العيون ستكون موجهة إلى من سيكون على رأس الهرم، وما إذا كان سيحمل تصوّراً استراتيجياً يتماشى مع هذا الزخم الفني، كون التغيير الإداري في نادٍ بحجم الوصل، يجب ألا يُقرأ من زاوية الأسماء فحسب، بل من زاوية التوجه والاتجاه، فإن كانت النية هي التأسيس لمرحلة احترافية مستدامة، تُفصل فيها المهام وتُدار الموارد بعقلية استثمارية مع تغيير سقف الطموحات، فإن ما يجري قد يكون الشرارة لحقبة ذهبية قادمة، فالكرة الآن في ملعب الإدارة الجديدة التي بيدها الدفة لتعزيز مسار الأصفر، وتحقيق طموح وتطلع جماهيره.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر