النفس المهزومة

عيسى عبدالله الزرعوني*

النفس المهزومة لا تُزعجك لأنها ضعيفة، بل لأنها لا تُطيق أن ترى من هو أقوى منها.

تُريد الجميع نسخة عنها: محبطاً، متردداً، لا يعرف كيف يمسك المقود.

تخيلها في شخص جالس في زاوية المكتب، لا يعمل ولا يدع غيره يعمل! يرفض المبادرات، يسخر من الطموح، ويضحك حين يتعثّر الآخرون، وكأن رؤيته من سقط هي فوزه.

هذا النوع لا ينقصه الذكاء، بل الشجاعة.

يريد أن يكون في القمة، لكنه لا يتحرك خطوة، يريد الضوء، ولا يتحمل حرارة الشمعة، وإذا لم يحصل على ما يُرضيه، فسيقنع نفسه أن «النجاح لعبة حظ».

في دراسة أجرتها Workhuman، وجدت أن 46% من الموظفين يشعرون بالتقدير الجزئي، و10% لا يشعرون بأي تقدير إطلاقاً، أي أكثر من نصف القوى البشرية في أماكن عملهم من دون تقدير حقيقي.

والنفس المهزومة ترى كل هذا، تشكو، لكنها لا تتحرك لتحسين وضعها.

لكن الحقيقة..

أنت لا تحتاج إلى أن تكون على واجهة المجلة أو في صدر المسرح.

النجاح الحقيقي أن تعرف مكانك، وتؤديه بإتقان، ثم تمضي للنوم دون أن تُشبه أحداً.

لا تتسول الضوء.. فأنت قطعة مهمة في لوحة الحياة.

لك موقع في المعادلة لا يكتمل من دونك.

لسنا ضحايا للرياح، بل من يُبحر بها.

يُقاس نجاحك بقوة رغبتك، وكبر أحلامك، وكيفية تعاملك مع الإخفاقات والعثرات في طريقك.

في تجربة «آش» الشهيرة في علم النفس، طُلب من مجموعة أشخاص أن تختار أطول خط بين ثلاثة، وكان الجواب واضحاً، لكن حين تعمّد بقية المشاركين اختيار الخط الخطأ، انساق ثلث الناس مع الخطأ فقط، لأن الأغلبية اختارته.

أن تشبه نفسك، أصعب من أن توافق الجميع، لكنها البطولة الحقيقية.

إن أخفقت اليوم، قف.. وإن سخروا، تجاهل.. وإن شكّوا بك، ثِق..

ولا تُشبههم.

أنت لست شبيهاً بأحد.

حين تُشبه نفسك، تكون عظيماً بما يكفي.

وأنت، عزيزي القارئ، هل تجد حولك صاحب النفس المهزومة؟

*إعلامي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر