التفكير النقدي وعصر المعلومات المضللة

الدكتور أشرف مصطفى

في زمن تتضاعف فيه المعرفة كل بضع سنوات، وتتناقل فيه الأخبار بسرعة البرق، أصبحت القدرة على التمييز بين الحقيقة والخداع مهارة وجودية، حيث يعيش طلاب اليوم في محيط معلوماتي هائج، تختلط فيه الحقائق بالأكاذيب، والتحليلات الموضوعية بالدعايات المغرضة.

ولم يعد المعلمون اليوم ينقلون المعرفة فقط، بل صاروا مدربين على مناعة فكرية ضد التضليل، فالفصول الدراسية الحديثة تتحول إلى ورش عمل لصقل العقول القادرة على التشكيك البناء، وتمحيص الأدلة، ورفض السطحية في التفكير.

تتجلى أهمية التفكير النقدي في التعليم، حيث يُعتبر محوراً رئيساً في تطوير مهارات التحليل النقدي لدى الطلاب.

من خلال تطبيق استراتيجيات التفكير النقدي، يتمكن الطلاب من تقييم المعلومات بدقة، واستخدام التفكير المنطقي لحل المشكلات.

هذا النوع من التفكير لا يساعد فقط في الدراسة، بل يمتد تأثيره إلى جميع جوانب الحياة اليومية، ما يسهل اتخاذ القرارات الصائبة وتطوير التفكير النقدي.

وحقيقةً، تواجه المؤسسات التعليمية معضلة فعلية في تعليم هذه المهارة. من ناحية، تفرض المناهج المكدسة بالحقائق والمعلومات إيقاعاً سريعاً لا يترك مساحة للتأمل، ومن ناحية أخرى، يفتقر العديد من الأنظمة التعليمية إلى المعلمين المؤهلين لقياس حوارات نقدية حقيقية تتجاوز الإجابات النموذجية.

ولم لا، وتعليم التفكير النقدي يتطلب بالضرورة تحرراً من بعض القيود التربوية التقليدية، فهو يحتاج إلى فصول دراسية تسمح بالأسئلة المحرجة، وتتقبل الاختلاف في الرأي، وتشجع على التحدي الفكري البناء. كما يحتاج إلى تقييم مختلف يعتمد على عملية التفكير نفسها أكثر من اعتماده على النتائج النهائية.

في الختام، لم يعد تعليم التفكير النقدي اختياراً أكاديمياً، بل ضرورة ملحة في عالم تتحكم فيه المعلومات بمصائر الأفراد والمجتمعات، فالاستثمار والتدبر في تعليم هذه المهارة هو استثمار في مستقبل أكثر وعياً، حيث يصبح الطلاب قادرين على تمييز الحقيقة بأنفسهم، واتخاذ قرارات أكثر حكمة في حياتهم الشخصية والمهنية.

جامعة الإمارات العربية المتحدة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر