ردع خاص وعام

محمد نجيب*

لا يختلف اثنان على أن القوانين المنظمة للمعاملات التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعد الأفضل عالمياً والأكثر مواكبة للمستجدات، وهذا دون شك أمر طبيعي في ظل ما تتمتع به الدولة من سمعة ومكانة اقتصادية تضعها في مصاف الكبار بهذا القطاع.

ويمثل الشيك أهمية كبرى في المعاملات التجارية، سواء بين الشركات والمؤسسات أو الأفراد كأداة وفاء في مقام النقود.

وسنقف في هذا المقال على حكم قضائي مهم صدر ضد مدان بتحرير شيك بسوء نية، إذ عاقبته المحكمة بغرامة قدرها 250 ألف درهم، وأمرته بنشر ملخص الحكم على نفقته الخاصة في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار تصدران في الدولة إحداهما باللغة العربية، والأخرى باللغة الأجنبية، أو في اثنتين من وسائل النشر الإلكتروني التي تحدد من قبل وزير العدل باللغتين ذاتيهما.

كما ألزمته المحكمة أن يتضمن المنشور اسم المحكوم عليه ومحل إقامته، ومهنته والعقوبة المقضي بها، وأمرت بسحب دفتر الشيكات منه، ومنع إعطائه دفاتر جديدة لمدة سنة واحدة تبدأ اعتباراً من نهائية الحكم.

المحكمة ذهبت إلى هذا التدبير العقابي لغرض بالغ الأهمية، وهو تحقيق الردع الخاص بالنسبة إلى المتهم في هذه القضية حتى لا يكرر فعله مرة أخرى، والردع العام لكل من تسول نفسه ارتكاب هذا الفعل، وقد أعملت في حكمها المادة 678 والمادة 679 من قانون المعاملات المدنية التجارية رقم 50 لسنة 2022، التي تنص على أنه في حالة عدم التزام المحكوم ضده بسحب دفتر شيكاته، وتسليمه للمصارف المعنية خلال مدة 15 يوماً من تاريخ إخطاره بالحكم، يعاقب بغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم، ولا تزيد على 100 ألف درهم.

بشكل عام حرص المشرّع على تحصين المعاملات الخاصة بالشيك بنصوص قانونية، تضمن سرعة الوفاء به، وعدم تعطيل عجلة التجارة والمعاملات، لأن التعثر أو العجز عن الوفاء أمر وارد، لكن ما لا يمكن التسامح بشأنه هو التعامل وفق أي من أشكال سوء النية، مثل الغش عند إصدار الشيك، سواء بتوجيه أمر أو الطلب من البنك عدم صرفه قبل تاريخ الاستحقاق دون وجه حق، أو غلق الحساب أو سحب الرصيد منه قبل إصداره، أو قبل صرفه.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر