فرصة اقتصادية للإمارات: العقول تهاجر.. فهل نستثمرها؟
تشهد الولايات المتحدة مؤشرات إلى ظاهرة نزيف الكفاءات، حيث يتجه علماء ومهندسون وأكاديميون وحملة دكتوراه إلى مغادرة البلاد، بفعل سياسات الهجرة وتراجع تمويل الأبحاث والتغيّرات السياسية التي عمّقتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. وتشير تقديرات أكاديمية وإعلامية إلى أن أكثر من 250 ألفاً من أصحاب التخصصات الدقيقة يفكرون فعلياً في مغادرة الولايات المتحدة، ما يفتح الباب أمام دول أخرى لاستقطابهم.
الجامعات الأميركية الكبرى عبّرت بدورها عن قلق متزايد من هذا التوجه، حيث جمّدت مؤسسات، مثل كولومبيا، وبراون، وبرينستون، برامج تمويلية تتجاوز 650 مليون دولار، وفق ما نشره موقع «سويدن سورس»، كما توقعت دراسة صادرة عن معهد «CSET» في جامعة «جورجتاون» أن تخسر الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة آلاف الكفاءات العاملة في مجالات حيوية، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، في حال استمرار القيود على تأشيرات المواهب الدولية.
مقابل هذا المشهد الأميركي المتقلب، بدأت دول عربية في التحرّك لاقتناص هذه الفرصة النادرة. غير أن التجربة الإماراتية راكمت خلال العقد الماضي أدوات قوية في مجال جذب العقول والكفاءات العالمية، فالإمارات تمتلك بنية تشريعية مرنة، وسياسات إقامة ذهبية، ومبادرات وطنية لاستقطاب المواهب في القطاعات الحيوية، إضافة إلى منظومة جامعات ومراكز أبحاث تُصنّف ضمن الأفضل في المنطقة، وعلى رأسها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة خليفة، ومركز بحوث التكنولوجيا الحيوية في أبوظبي. وقد حلّت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً و22 عالمياً في مؤشر تنافسية المواهب لعام 2023 الصادر عن «INSEAD»، ما يعكس جاهزيتها لاستقبال واستيعاب الكفاءات الدولية.
ولا تقتصر أهمية استقطاب هذه الكفاءات على البُعد الأكاديمي أو البحثي فحسب، بل يمتد تأثيرها إلى عائدات اقتصادية، فوفقاً لدراسة نشرها «معهد بروكنغز» في واشنطن، فإن العلماء والمهندسين الأجانب الذين يعملون في الولايات المتحدة يسهمون بنسبة 25% من براءات الاختراع سنوياً، ما يشير إلى الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الكفاءات في دفع الابتكار وتعزيز الإنتاجية، وهو إسهام يمكن أن يحقق أثراً نوعياً إذا ما استُنسخ في بيئة اقتصادية مرنة مثل الإمارات.
من هنا، تبرز الفرصة في تأسيس منصة رقمية وطنية تُبرز أهم التخصصات، وتوفر حوافز إقامة وبحث وتمويل للمتميّزين، إلى جانب إطلاق صندوق اتحادي لدعم المشروعات التي يقودها علماء من خلفيات أكاديمية دولية، خصوصاً في الابتكار الصحي، والفضاء، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا النظيفة.
@AlshuaibiJaber
Jalshuaibi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه