الرهان على الأسماء
مشاركة العين في بطولة كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الأميركية، جاءت وسط تطلعات جماهيرية لمشاهدة حضور مشرّف يليق بتاريخ واسم «الزعيم»، ويستعيد شيئاً من بريق إنجازه الذي حققه في المحفل الدولي خلال نسخة 2018، عندما بلغ المباراة النهائية، لكن الواقع جاء مخيباً بأداء باهت ونتائج ضعيفة، وسط انحدار فني لافت.
ومنذ اللحظة الأولى، بدت ملامح التباين حاضرة بين الخطوط. وعلى الرغم من الأسماء الكبيرة من المحترفين الذين يمتلكون الخبرة والتجارب المتنوعة، فإن الفريق ظهر فاقداً للهوية، ومفتقراً للانسجام والروح، مع غياب شخصيته القتالية والتنافسية المعروفة، وكأن من حضر لا يستهويه ولا يعنيه الأمر كثيراً، فظهروا كمجموعة لأداء واجب مؤقت ثم الرحيل، حيث لم يكن ذلك الفريق الذي كان يؤمن بقيمة وجوده ورسالته التي يحملها عندما يُمثّل الوطن، وهنا يكمن جوهر المشكلة، بعدما رمى بكامل ثقله على الأسماء الأجنبية، كون المحترف مهما علا شأنه، لا يمكن أن يُدرك قيمة الشعار كما يشعر به ابن النادي، لاسيما أن البطولات تحتاج إلى لاعبين يحملون الشغف في قلوبهم قبل المهارة في أقدامهم، وإلى أولئك الذين يعتبرون كل لحظة في الملعب قضية وتحدياً، لا مجرد التزام ينتهي مع الصافرة.
فالفرق التي أبلت وتجلت في البطولة لم تعتمد على المهارات والفرديات، بل بنت تفوقها على التجانس والثبات والروح الجماعية، وهي العناصر التي افتقدها «الزعيم» في البطولة، حيث بدا واضحاً تآكل الشخصية الفنية للفريق، وغياب دوره كمؤسسة تصنع اللاعبين، لا تستوردهم فقط.
لهذا فإن ما حدث لم يكن نتيجة ظرف عابر، بقدر ما هي حصيلة تراكمات ناجمة عن قراءة ورؤية ضبابية، ثم الارتهان لصفقات آنية بُنيت على الأسماء، وأهملت المنظومة، بما تجاوز حدود المشاركة الضعيفة، وكشف عن أزمة أعمق هي أزمة هوية غائبة.
نعم، الهزيمة الحقيقية تمثّلت في غياب الروح والهوية، فالعين إن أراد العودة، عليه أن يبحث أولاً عن قلبه قبل البحث عن لاعب جديد، فهو كيان بتاريخ عريق، يحتاج إلى وقفة ومراجعة شاملة تعيد فلسفة التعاقدات، وتُعزز الاعتبار لابن النادي، مثلما ينبغي عليه الاستثمار في أكاديمياته التي كانت يوماً منجماً للمواهب.
حان الوقت للتخلي عن فكرة أن اللاعب الأجنبي هو الحل، ومن يراهن على الأسماء قد يربح موسماً، لكن من يزرع الهوية يحصد تاريخاً، وما من فريق أنجز وأبدع، إلا وكان قلبه أعمق من أقدامه.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه