تطوير الصناعة المالية الإسلامية
الصناعة المالية الإسلامية تعد من أهم صناعات المال الحلال لمن يريد المال الذي يباركه الله تعالى، وينفع صاحبه ويُنجيه من مساءلة الله تعالى عنه، كسباً وإنفاقاً، ودولة الإمارات العربية المتحدة تعد ركيزة أساسية في صناعة المال الإسلامي، لأنها هي التي أسست المصرفية الإسلامية صناعة مؤسسية تواكب التطور العالمي في هذا المجال، وذلك قبل 50 عاماً، حيث أنشأت أول بنك إسلامي في العالم بحماية الدولة وتنظيم سير المصرفية وتقنينها، وها هي اليوم تخطو خطوات جبارة لتفعيل هذه الصناعة، بما يحقق لها من نمو وتطور، كما صرح بذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال ترؤسه مجلس الوزراء الشهر الماضي، حيث قال: «اعتمدنا استراتيجية الإمارات للمالية الإسلامية وصناعة الحلال». وبيّـن «أن الهدف هو تطوير الصناعة المالية الإسلامية، وقيادة أنشطة التمويل الإسلامي العالمي، ورفع مستوى صادرات منتجات الحلال لجميع أنحاء العالم». وأشار إلى أن هدف الدولة هو رفع أصول بنوكها الإسلامية من 986 مليار درهم إلى 2.56 تريليون درهم خلال ست سنوات، ورفع إصدارات الصكوك الإسلامية المدرجة في دولة الإمارات إلى أكثر من 660 مليار درهم بحلول 2031.
وذكر، حفظه الله، أنه أقر إنشاء لجنة برئاسة محافظ المصرف المركزي لتنفيذ الاستراتيجية.
وكانت القيادة الرشيدة قد أنشأت في عام 2016، الهيئة العليا الشرعية للأنشطة المالية والمصرفية التي تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية، وأُلحقت بالمصرف المركزي. وقد كانت الدولة سباقة إلى تقنين المعاملات المالية الإسلامية بالمواد المنصوص عليها في الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022، وأناط القانون تفسير وتأويل المواد المشار إليها من القانون بالمعايير والضوابط الشرعية التي تصدرها أو تعتمدها الهيئة العليا الشرعية في المصرف المركزي.
والهيئة منذ تأسيسها تعمل جاهدة في تطوير الصناعة المالية الإسلامية، بوضع المعايير التي تنشِّط العمل المصرفي، وتضبط إجراءاته وحوكمته، بما يتفق مع منهج الإسلام في الكسب الحلال الذي يريده المتعاملون، وبما يحقق التطور المالي الذي تتسع له الشريعة الغراء التي جعلت المال أحد مقاصدها الخمسة، من حيث الكسب والإنفاق.
وها هي دولة الإمارات - بهذه الاستراتيجية - تمضي في صناعة المال الإسلامي بخطى ثابتة مقنّنة ومنضبطة ومحكومة، بحيث تعد من الدول القلائل التي عُنيت بهذه الصناعة عناية فائقة لتحقيق مقاصد الشرع الشريف في تنمية المال بطرق صحيحة وميسرة، وتحقيق مصالح الناس في هذا العالم المتطور.
*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه