شرفات دبي «خضراء»

وليد الزرعوني

في قلب المشهد العقاري المتلألئ لإمارة دبي، حيث تتناغم الحداثة مع الرؤية الحضرية الطموحة، تُطل الشرفات (البلكونات) كعناصر معمارية تتجاوز وظيفتها التقليدية، لتصبح واجهات جماليّة وجزءاً جوهرياً من هوية المدينة البصرية.

ورغم أنه غالباً ما تُستخدم الشرفة كمساحة خاصة للاستراحة أو التخزين، إلا أن استخدامها أحياناً بشكل غير لائق، كأماكن لنشر الغسيل أو الشواء، يشوّه المشهد الجمالي ويخرق القوانين التي أرستها بلدية دبي للحفاظ على طابع المدينة الحضري الآمن والمنظم.

من هذا المنطلق، أقترح إطلاق مبادرة «شرفات دبي خضراء»، وهي دعوة لإعادة تخيل الشرفة ليس كمجرد امتداد للمنزل، بل كمنصة للإبداع البيئي والبصري.

وتُعد الشرفات، حسب تعريف بلدية دبي، امتداداً يمكن الوصول إليه من داخل الوحدة السكنية، وتختلف عن «التراسات» من حيث التصميم والوظيفة. هذا العنصر المعماري الذي قد يبدو بسيطاً في الظاهر، يملك قدرة كبيرة على التأثير في المشهد البصري العام. لذا، تحرص بلدية دبي على تنظيم استخدام الشروفات عبر قوانين دقيقة تحافظ على سلامة السكان وتُصون الطابع الجمالي للمدينة.

وتهدف تلك المبادرة المقترحة إلى تشجيع السكان على زراعة الشرفات بالنباتات والزهور، واستخدام أدوات ريّ ذكية تمنع تسرب المياه، بما يتماشى مع القوانين المحلية التي تحظر رش الماء من الشرفات أو استخدام خراطيم الري.

كما تهدف مبادرة تحويل الشرفات من فضاءات مهملة إلى لوحات فنية حية مزروعة بالزهور، إلى تعزيز جمالية الإمارة، علاوة على أنها لا تضفي بعداً جمالياً فحسب، بل تسهم في تقليل البصمة الكربونية أيضاً، عبر خفض درجات الحرارة المحيطة، وتحسين جودة الهواء.

ومن خلال هذه المبادرة، تصبح الشرفات مساحة تعبير حضاري وجمالي، فكل شرفة خضراء تضيف بُعداً إنسانياً للخرسانة والزجاج، وتذكّر بأن المدن ليست ناطحات سحاب فقط، بل هي أرواح تتنفس، وقيم تتجسد في التفاصيل أيضاً.

في الختام، تدعو مبادرة «شرفات دبي الخضراء» كل ساكن، سواء في شقة أو فيلا، إلى المساهمة في تشكيل لوحة دبي البصرية المستدامة.. ازرع زهرة، اجعل من شرفتك قصيدة بصرية تروي حكايتك. فلنجعل من كل شرفة مشهداً يستحق الوقوف عنده، ومن كل زهرة لغة جديدة تُكتب بها فصول إمارة لا تكف عن الحلم.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر