صانع محتوى عقاري
في خطوة غير مسبوقة على مستوى المنطقة، أطلقت هيئة الأوراق المالية والسلع، رخصة «المؤثر المالي - Fin fluencer» لتنظيم المحتوى المالي المنتشر عبر مختلف وسائل الإعلام. وتشمل الرخصة كل من يقدم نصائح أو تحليلات أو آراء مالية، بهدف تعزيز الشفافية وحماية المستثمرين.
تعد هذه المبادرة سابقة تنظيمية ملهمة من شأنها أن تُحفّز قطاعات أخرى ذات محتوى مؤثر ومتزايد، وعلى رأسها القطاع العقاري، لاتخاذ خطوات مماثلة، خصوصاً في ظل النمو الكبير الذي يشهده محتوى العقارات على المنصات الرقمية.
ما يثير الانتباه هو تكرار المحتوى العقاري نفسه على ألسنة عدد من صُنّاع المحتوى دون تدقيق أو تميّز، ما يُضعف من جودة الرسالة ويشوّش على المتلقين. وهنا تبرز الحاجة الملحة لتنظيم هذا النوع من المحتوى.
في ظل النمو السريع الذي يشهده القطاع العقاري في الإمارات، خصوصاً في دبي، لم يعد المحتوى العقاري مجرّد مادة تسويقية، بل أصبح عنصراً مؤثراً في قرارات الشراء والاستثمار. ومع تصاعد تأثير المنصات الرقمية، أصبح من الشائع أن يتابع الناس قراراتهم العقارية من خلال مقاطع فيديو أو منشورات ينشرها ما يُعرف بـ«صانع المحتوى العقاري»، لكن من يراقب دقة هذه المعلومات؟ وهل كل من يحمل كاميرا أو يملك جمهوراً أصبح مؤهلاً للحديث عن الاستثمار، أو تحليل العائدات، أو تقييم المشاريع؟ هنا جوهر القضية.
نحن أمام واقع جديد يتطلب تدخلاً تنظيمياً لصناعة المحتوى العقاري ومنع تداول معلومات مضللة أو تكرارها، لذا ربما حان الوقت لاستحداث ترخيص «صانع المحتوى العقاري» أو «المؤثر العقاري»، ليس بهدف تقييد الإبداع، بل لضمان جودة المحتوى وفتح نوع من التخصص في هذا المجال لتنظيمه أكثر، وتعزيز الموثوقية، وحماية السوق والمتعاملين من المعلومات المغلوطة أو غير الدقيقة التي يمكن أن تضلل المشترين، وتضر بسمعة السوق.
الهدف من هذا الطلب هو وضع ضوابط واضحة لترخيص صانعي المحتوى العقاري، تشمل متطلبات مهنية ومعلوماتية أساسية، مع تنسيق مشترك بين الجهات التنظيمية العقارية والإعلامية لتحديد المعايير الأخلاقية والمهنية.
صانع المحتوى العقاري اليوم لم يعد مجرد هاوٍ، بل أصبح في موقع مؤثر، يسهم في تشكيل واقع السوق واتجاهاته، وترخيصه مطلب تنظيمي، وضرورة لحماية السوق من الفوضى المعلوماتية، وحماية المستثمر من التضليل، وتعزيز ثقة العالم بالسوق العقارية الإماراتية من خلال صناعة محتوى احترافي، موثوق، منظم، وقادر على أن يعكس صورة دبي والإمارات كمركز استثماري رائد عالمياً.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه