بين الثناء والانتقاد

يوسف الأحمد

مع إسدال الستار على الموسم الكروي، يقف المتابع أمام مشهد ثنائي الوجوه، بين جانبٍ ينبض بالحماسة والتطوّر، وآخر مُثقل بالأخطاء وخيبات النتائج.

فقد نجح البعض وخرج بمبتغاه، لكن هناك من تراجع وتقهقر للوراء مع اقترابه من خريفه الكروي، إذ جاءت مخرجات الموسم متأرجحة بين الثناء والانتقاد، بعد أن انحصرت المنافسة بين شباب الأهلي والشارقة اللذين قدما حضوراً فنياً لافتاً، بأداءٍ منضبط وشخصية متماسكة، حيث لم يكن الطريق مفروشاً لهما بالسهولة، بل حفل بتقلبات أضفت شيئاً من الإثارة والسجال عند بعض المحطات.

ورغم الزخم الفني الذي حمله الموسم، فإنه لم يخلُ من عيوب ألقت بظلالها على مسار المسابقة، لاسيما الأخطاء الفردية وتكرارها، ما أثار تساؤلاً حول مدى الجدية والجاهزية الذهنية للاعبين، ما يضعهم أيضاً تحت مجهر المراجعة والتقييم. كما أن تأثير البدلاء كان باهتاً في معظم المواجهات، رغم أن فرقاً أظهرت بداية نشطة من مقاعد الاحتياط، فإن تراجع الأداء في المراحل الحاسمة، كشف عن هشاشة العمق الفني لها، وعجز الدكة عن صناعة الفارق حين تشتد الحاجة.

ودون شك أن ابتعاد أندية الوصل والعين والوحدة عن مستوياتها المعروفة أفقد الموسم جانباً من حلاوته، لما لها من فاعلية وقيمة فنية وجماهيرية كبيرة، حيث كان حضورها متذبذباً ومفتقداً للثبات والاستمرارية، واضعاً استفهاماً حول ذلك التراجع رغم الممكنات المتوافرة.

لكن ذلك لا يُخفي القلق من تراجع ظهور اللاعب المواطن، بعدما صارت مشاركته محدودة وسط تزاحم الأسماء الأجنبية وسيطرة العناصر المحترفة على المراكز، وهو ما أثار المخاوف حول مستقبل العناصر المحلية في ملاعبنا. صحيح أن دورينا قطع خطوات على طريق التطوير، لكن الطريق لايزال طويلاً لمعالجة التحديات الفنية للفرق، التي بات عليها الخروج من دائرة الحلول المؤقتة وردود الأفعال المرتجلة، وعليها تغيير سياسة التعامل مع المدربين واستبدالها بثقافة الاستقرار المبني على برامج فنية تعتمد على دراسات، ونهج مؤسسي يُنمي الكوادر ويعمل على تحفيز المواهب والخامات بمنحها فرصاً تتيح لها النضج والتأثير.

لا يوجد نجاح مستدام دون فكرٍ وخطط، ولا مكاسب تُبنى على البريق اللحظي، فمعظم الأندية تمتلك الأدوات والمقومات، لكنها بحاجة إلى بوصلة تقودها للاتجاه الصحيح، فإما أن تستثمر أخطاءها لبناء مستقبل أكثر صلابة، أو تبقى تدور في الحلقة ذاتها، فالمستديرة تُنصف من يتبنّى عقلية الانتصارات والبطولات، وليس من يعمل بفكر الاحتمالات والمُسكنات!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر