لسنا مستهلكين
يخبروننا منذ أن كنا صغاراً بأن الوطن العربي سلة الغذاء، وأن لديه أكثر من 470 مليون نسمة قادرون على الصناعة والابتكار، وأن العقول العربية شاركت في كثير من الإنجازات العالمية في الفضاء والتكنولوجيا وغيرها.
ثم يقولون: نحن مستهلكون، وكل شيء يأتي من الخارج، نستهلك فقط!
لكن هذه المعزوفة لم تُطرب الآذان في الإمارات، والجميع كان شاهداً، فنحن لا ننتظر الإلهام من الخارج، بل نصنع ونبتكر، ونعيد صياغة الابتكار بروحٍ إماراتية خالصة.
من هنا، جاءت مبادرة «اصنع في الإمارات»، التي أطلقتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة عام 2021، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عبر سياسة صناعية تضع الإنسان الإماراتي في قلب المعادلة. بقيادة الدكتور سلطان الجابر، الذي تولى ملف الصناعة من الصناعات الثقيلة حتى أبسط خطوط الإنتاج، انطلقت الرؤية المؤمنة بأن كل صناعة مهما بدت صغيرة قادرة على تحريك اقتصاد وطن.
واليوم، في الدورة الرابعة من الحدث الصناعي الأبرز «اصنع في الإمارات» المنعقدة من 19 إلى 22 مايو 2025 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، تُترجم هذه الرؤية على الأرض.
أكثر من 700 شركة صناعية تشارك هذا العام، من الإمارات والعالم، تحت شعار «تسريع الصناعات المتقدمة». قطاعات تمتد من الأدوية والتقنيات الحيوية إلى الطاقة والفضاء، والنتيجة: صفقات صناعية تجاوزت 197 مليار درهم منذ إطلاق المبادرة.
ما يميز هذه المبادرة أنها لا تفتح أبوابها للشركات الكبرى فقط، بل تسعى لاحتضان رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة، من المواطنين والمقيمين، وتوفر بيئة تشريعية وتمويلية وتقنية تدعمهم منذ الفكرة حتى التصدير.
وشعار «صُنع في الإمارات» لم يعد مجرّد ختم على الغلاف، بل هوية تشعرك بأنك شريك في الإنجاز. كل منتج محلي نراه في الأسواق هو شهادة على أن العقول الإماراتية لا تكتفي بالاستهلاك.. بل تصنع وتُبدع وتُصدّر.
وقد لخّص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، هذه الفلسفة حين قال: «الرجال هي اللي تصنع المصانع، والرجال هي اللي تصنع حاضرها ومستقبلها».
نحن لسنا مستهلكين.. نحن بلد يرى في الصناعة مستقبلاً، وفي الإنسان انطلاقة، وفي كل منتج وطني بصمة فخر.
إنها رؤية تُـنفذ بالفعل في بلد الأفعال.. الإمارات العربية المتحدة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه