تحدي المستقبل
في لحظة مفصلية تجسّد رؤية استثنائية لقيادة تؤمن بأن بناء الإنسان هو جوهر التنمية، أعلنت دولة الإمارات اعتماد مادة «الذكاء الاصطناعي»، لتُدرّس في المدارس ابتداء من العام الدراسي المقبل.
خطوة لا تشبه سواها، تعمل على إعادة هندسة علاقة الطالب بالعالم، وبالتكنولوجيا، وبالمستقبل نفسه.
لقد قررت الإمارات أن تبدأ الغد من اليوم، لتؤكد مجدداً أن الأوطان التي تسابق المستقبل، تصنع أقدارها بأيديها.
صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكعادته في استشراف ملامح الغد، قالها بوضوح: «نجهز أبناءنا لزمن غير زماننا، ومهارات غير التي تربينا عليها، ومنافسة غير التي عرفناها».
هذه ليست كلمات تحفيزية، بل رؤية دولة كاملة، تتحرك بثقة نحو غدٍ يعتمد على الذكاء والإبداع والابتكار، لا على الموارد وحدها.
مادة «الذكاء الاصطناعي» ستُدرّس من رياض الأطفال إلى الصف الـ12، لكنها لن تُقدّم كحصة نظرية جامدة، بل كرحلة تفاعلية تنمو مع الطالب.
في السنوات الأولى، سيُفتح المجال للخيال والاكتشاف والتجريب عبر الألعاب والقصص التكنولوجية، وفي المراحل المتوسطة، يبدأ الطلبة بمقارنة آلية تفكير الإنسان مع الآلة، ليكتسبوا أدوات التحليل والتفكير الخوارزمي، وفي المرحلة الثانوية، يتعاملون مع مفاهيم التحيز الرقمي، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتطوير النماذج الذكية. إنها رسالة واضحة بأن الإمارات تسبق التغيّرات الدولية والعلمية، وتملك من الشجاعة والمرونة ما يكفي لتغيير المسار عند الحاجة، من دون تعقيدات بيروقراطية أو انتظار للجان طويلة الأمد أو سنوات من الدراسة. القرار يُتخذ عندما تقتضي المصلحة، ويُنفذ بسرعة وكفاءة، لأن الزمن في منطق الإمارات ليس شيئاً يُستهلك، بل يُستثمر.
هكذا تتحول المدرسة الإماراتية إلى منصة استكشاف، والصف إلى مختبر ابتكار، والمعلم إلى مرشد نحو آفاق لم ترسم بعد.
وتثبت الإمارات من جديد أنها لا تنتظر الغد، بل تبادر إليه، وتصنعه بوعي.. وبأبنائها.
* مؤسس سهيل للحلول الذكية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه