«استأجر سيارة»
يقول مصرفي كبير في أحد البنوك الوطنية إن بعض الشباب ينظر إلى السيارة على أنها شكل من أشكال الوجاهة الاجتماعية، ومن المهم أن تكون لائقة، بمعنى «ماركة محترمة يحترمها العالم على الطريق، وتكون لها أولوية المرور دائماً»، يساعدهم في ذلك الأهل أحياناً، وأحياناً أخرى الراتب المرتفع في بداية الحياة العملية، خصوصاً لمن تلقوا تعليماً جيداً في تخصصات تحتاجها السوق. وتتلقف البنوك الفكرة، فتوفر مزايا حصرية لمن يمول عن طريقها سيارة فارهة مرتفعة الثمن حتى 500 ألف درهم، وأحياناً أكثر، بنسبة فائدة منخفضة، مقارنة ببقية الأنواع، مع تأجيل سداد أول قسط حتى 120 يوماً، إضافة إلى تأمين شامل مجاني، ومن دون الحاجة إلى شهادة راتب أو تحويله إلى البنك الممول.
ويضيف المصرفي: «قيمة المبالغ التي يتم دفعها كفوائد على السيارات مرتفعة الثمن تتجاوز أحياناً 150 أو 200 ألف درهم، أي ما يعادل ثمن سيارة جديدة كلياً من طرز معروفة، والشباب في بداية العمر أولى بهذه الأموال التي يمكن استثمارها في مشروع أو عقار أو حتى ادخارها».
ويتابع: «لكن في المقابل، هناك شباب واعٍ جداً، ولديه ثقافة مالية، وكثير منهم لديه مشاريع ناجحة، هؤلاء إن سألتهم عن علاقتهم بالديون والقروض تكون إجابتهم بالنفي، لا ديون ولا أعباء في مقتبل العمر، حتى إن أحدهم ممن أعرفه عن قرب، لديه مشروع افتراضي ينجز نسبة كبيرة منه في المنزل، ولا يحتاج سيارة بشكل دائم، حيث ظل خلال أول ثلاث سنوات من مشروعه يستأجر سيارة يومين في الأسبوع، ولم يشترِ واحدة إلا بعد أن استقر دخله وانتظم عمله الخاص وتوسع».
ينصح المصرفي في ختام حديثه الشباب، قائلاً: «عبء سداد أقساط السيارات الفارهة كبير ومجهد في بداية العمر، ومثل كرة الثلج يخلق حوله قروضاً أخرى أو بطاقات ائتمان، وهكذا يجد الشاب نفسه غارقاً في سداد ثمن أشياء كان بوسعه الاستغناء عنها، والاكتفاء بالبديل المناسب، طالما أن جميع السيارات تؤدي في النهاية الغرض منها».
الإمارات سوق مفتوحة، وتشهد نمواً سنوياً كبيراً في مبيعات السيارات بكل أنواعها، وتحتل المركز الأول عربياً في جاذبية الاستثمار والأعمال بنشاط مبيعات السيارات، وهذا يعني أن الخيارات المتاحة متنوعة، ويمكن المفاضلة بينها.
وتوعية الشباب بأهمية الاعتدال والبعد عن المظاهر التي لا تناسب الدخل مهم جداً، ومسؤولية مشتركة ما بين الأهل والبنوك نفسها التي يجب ألا تقدم إغراءات لشاب ليشتري سيارة قد لا يحتاجها سوى يومين أو ثلاثة في الأسبوع، ومن الأفضل له استخدام سيارة أسرته أو استئجار سيارة إن لزم الأمر.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه