هل تحتاج الإمارات الاقتراض؟
في عام 2018 وتحديداً في شهر سبتمبر، أصدرت دولة الإمارات قانون الدين العام بهدف تنظيم إصدار السندات السيادية والصكوك الاتحادية. وبعيداً عن تعقيدات المصطلحات الاقتصادية يُعرف الدين العام لأي دولة بأنه مجموع الديون التي تلتزم الحكومة بسدادها، سواء كانت هذه الديون محلية أو خارجية عن طريق إصدار أوراق مالية ذات صفة سيادية.
وعادة ما تلجأ الدول لهذه الإصدارات لغرض الحصول على تمويل لتغطية العجز في ميزانياتها أو تمويل مشاريعها التنموية، فهل كانت الإمارات وهي دولة نفطية ثرية بحاجة إلى هذا النموذج المتعارف عليه في الاقتراض من سوق الدين الخارجية؟
وببساطة أكبر هل كانت الإمارات تحتاج إلى إصدار سندات سيادية أو صكوك لبيعها للمستثمرين داخل وخارج الدولة؟
الإجابة بالتأكيد لا، فإيرادات الدولة المجمعة، حسب آخر بيانات صادرة عن وزارة المالية، بلغت خلال العام الماضي 533.3 مليار درهم، مقابل نفقات إجمالية بقيمة 443.8 مليار درهم، أي أن هناك فائضاً سنوياً بحدود 89.5 مليار درهم، والمتابع لأرقام الميزانية يجد أن هناك فائضاً سنوياً لصالح الإيرادات، أي فعلياً لا حاجة لأي تمويلات خارجية أو قروض، لكن يبقى السؤال: لماذا تصدر الإمارات سندات وصكوكاً سيادية؟
السبب الأساسي وراء إصدار تلك السندات هو استكمال منظومة الإمارات المالية، بخلق سوق للدين العام، أي وضع تشريعات وقوانين ومن ثم إصدار السندات أو الصكوك، حسب ما يقرره مجلس الوزراء، وتقوم بتنفيذه وزارة المالية، بالتعاون مع المصرف المركزي وخلق منحنى للعائد على هذه الإصدارات، يكون مرشداً للمستثمرين الخارجيين، ويعكس قوتها التي تستمدها من قوة اقتصاد الإمارات وتصنيفها السيادي (فوق الممتاز)، فضلاً عن رغبة هؤلاء المستثمرين الخارجيين في الاستفادة من العائد الذي تؤمنه السندات والصكوك الموثوقة والمرتفعة العائد.
وكمثال يعكس الإقبال على الإصدارات السيادية للدولة، أصدرت الإمارات في البداية سندات بالدولار بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل 10 سنوات، فيما كانت نسبة التغطية خمس مرات، حيث تلقت طلبات بقيمة 7.4 مليارات دولار، بعائد 4.917%.
ثم جاء الإصدار بالدرهم لأجل إتاحة الفرصة للمستثمرين المحليين للاستفادة من العائد ثم توالت الإصدارات حسب الخطط الموضوعة.
وبحسب بيانات «المالية»، بلغ إجمالي إصدار السندات والصكوك الحكومية ما قيمته 25 مليار درهم، تم توجيهها إلى أدوات استثمارية أخرى، ولم يتم الإنفاق منها على أي مشاريع تنموية أو تمويلات حكومية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه