قفزة هائلة إلى مستقبل التشريع

محمد نجيب*

الخطة التي أعلنتها دولة الإمارات أخيراً باستخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة التشريعات الجديدة، تمثّل قفزة هائلة إلى المستقبل، ولا يمكن أن يدرك أهميتها إلا القانونيون.

لم أستغرب اهتمام وسائل إعلام وصحف عالمية مثل صحيفة فاينانشيال تايمز العريقة بهذه الخطوة، إذ اعتبرتها الأجرأ على الإطلاق في ما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في تعديل القوانين وصياغتها، وليس مجرد جمعها أو تلخيصها أو تحليلها، وتقديم المساعدة للاختصاصيين مثل دول أخرى.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قال: «إن هذا النظام التشريعي الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيغير طريقة إعداد القوانين، ما يجعل العملية أسرع وأكثر دقة».

من واقع سنوات طويلة في مجال القانون، أؤكد أن ما تتخذه الدولة في هذا الاتجاه يجعلنا في سعي مستمر إلى تحديث إمكاناتنا وأدواتنا حتى نواكب هذا التطور المذهل. وقد أعددتُ شخصياً مؤلفاً بعنوان «التحديات القانونية أمام تطبيق الذكاء الاصطناعي»، أحاول فيه مع زملائي استشراف المستقبل في هذا الجانب.

ما يميز دولة الإمارات - في الجانب التشريعي - هو حرصها على إجراء تعديلات سريعة وجريئة، بما يتناسب مع خصوصية الدولة، وتقدّمها في قطاعات مهمة، مثل الصناعة والتجارة والسياحة، الأمر الذي يستلزم مظلة قانونية قوية وحداثية تحصن هذا التقدّم، وتوفر ضمانات لحياة مستقرة وآمنة.

لاشك في أن هناك تحديات عدة أمام تطبيق الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات، وليس في صياغة التشريعات والقوانين فقط. وبينما تقف دول أخرى حائرة مترددة أمام الطرق المناسبة للاستفادة من هذه التقنيات، تمتلك الإمارات القدرة على اتخاذ قرارات جريئة مبنية على دراسات وبحوث دقيقة، وقناعة بأن المستقبل لن ينتظر أحداً، بل سيتجاوز كل المترددين.

استخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة القوانين والتشريعات، لن يغفل الدور البشري في وضع ضوابط ومعايير رقابية صارمة على استخدام هذا المنافس الرهيب، لأنه يبني نتائجه وتحليلاته على المعلومات والمعطيات التي نوفرها له، لذا فإن ما تبذله الدولة في هذا الاتجاه ليس هيناً على الإطلاق، وهذا هو قدرها كبلد عظيم يقود دفة المستقبل.

محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر