الاستدامة الإدارية

محمد سالم آل علي

في كل مرة أتابع فيها حراكاً معرفياً أو حدثاً عالمياً تحتضنه دبي، أكتشف أن هناك قصة أعمق تكتب، قصة تتعلق بمنهجية إدارية استثنائية جعلتها أيقونة عالمية للاستدامة.

خلال متابعتي لأسبوع الذكاء الاصطناعي، عادت بي الذاكرة إلى مفهوم قديم، لكنه يتجدد مع كل إنجاز، وهو الاستدامة الإدارية.

ما الذي يجعل مؤسسة ما تستمر وتتطور رغم تغير الإدارات، وتبدل السياسات؟

في دبي، لم يكن الرهان يوماً على الأفراد وحدهم، بل على تأسيس بيئة عمل خلاقة، تحتضن الأفكار، وتحتوي الخبرات وتحولها من اجتهادات فردية إلى منظومة متكاملة من السياسات والإجراءات المدروسة.

لذلك حين يغادر موظف أو يتغير المدير، لا تتوقف العجلة، ولا تتعطل المشاريع، بل تستمر الرحلة، وكأن كل شيء مُخطط له منذ البداية.

عندما أطلقت دبي مبادراتها «دبي الذكية» و«استراتيجية دبي للذكاء الاصطناعي»، لم تكن تسعى إلى مجرد إدخال التكنولوجيا في الخدمات، بل إلى بناء مؤسسات رشيقة إدارياً، وذكية رقمياً، تتطور وتعلم نفسها بنفسها.

لقد أصبح مفهوم نقل المعرفة في دبي جزءاً من الثقافة المؤسسية، فليست هناك أسرار تحتفظ بها الأسماء، بل هناك معرفة تتدفق عبر قنوات واضحة، يتلقاها كل جيل جديد من الإداريين، ما يجعل تغيير الأدوار القيادية عملية طبيعية في ظل وجود برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة.

استدامة دبي الإدارية أشبه بنهر جارٍ، لا يهم من يمر عبره، ولا من يغادر ضفافه، فالمجرى ثابت، والمياه متجددة. وما المشاريع الكبرى، من متحف المستقبل إلى خطة دبي الاقتصادية، إلا شواهد حية على أن الإدارة في دبي لا تعرف معنى التوقف أو الترهل في فكر ورؤية ملهم دبي صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

في النهاية، تعلمت درساً إضافياً وهو أن أعظم استثمار تبنيه المؤسسات اليوم ليس في الألقاب، ولا في الأشخاص، بل في الفكر والأنظمة التي تعبر بهم نحو المستقبل بثقة وإلهام.

*مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر