اللهجة الإماراتية..قوتنا الناعمة
هل شاهدتم تلك الإعلانات الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي، التي يتسابق فيها المؤثرون للظهور بعباءات ومخاوير، متكلّفين لهجة إماراتية مشوّهة، بحثاً عن «الترند» ومضاعفة الأرباح؟
مشاهد جعلت اللهجة الإماراتية والزي الوطني مجرد أدوات تسويقية، تُستغل لغايات أبعد ما تكون عن احترام الهوية.
لكن يبدو أن هذا «الكرنفال الإعلامي» لن يستمر طويلاً، إذ صدر قرار واضح بحصر استخدام اللهجة الإماراتية والزي الوطني في الإعلانات على الإماراتيين وحدهم، خطوةٌ جريئة أعادت الاعتبار للرموز، بعد أن كادت تذوب تحت سطوة المنصات.
في الماضي القريب، شاهدنا كيف أثرت الموجة الكورية والتركية واليابانية في ثقافات العالم.
الشباب أصبحوا يلبسون ملابس مستوحاة من نجوم الـK-pop، ويتحدثون بكلمات كورية، ويتناولون الرامن والكيمتشي والسوشي، بسبب مشاهداتهم المتكررة للدراما والأنمي.
الدراما التركية كذلك جعلت المشاهدين العرب يتبنون أسماء أبطالها وأسلوب حياتهم، حتى أصبحت إسطنبول وجهة سياحية يتوافد إليها ملايين المشاهدين العرب سنوياً.
كل هذا يقودنا إلى تساؤل: لماذا لا تكون لدينا موجة ثقافية إماراتية قوية تُبرز هويتنا للعالم، وتستفيد من وجود أكثر من 200 جنسية وعرق في بلادنا؟
أليس الوقت مناسباً ليبادر مسؤولونا الإعلاميون بخلق تظاهرة إماراتية حقيقية تكون مصدر إلهام وتفاعل عالمي؟ إن قرار حماية اللهجة والزي الوطني، حتماً سيحرك الفضول لدى المقيمين والخارج، للتعرف أكثر إلى ثقافتنا، لكن هل لدينا الإنتاج الإعلامي الكافي والقادر على التعبير عن هذه الثقافة الثرية وإيصال صورتها الصحيحة؟
لسنا بحاجة إلى إنتاج ضخم، بل إلى رسالة صادقة تصل كما نحن. هنا تظهر الحاجة لزيادة الزخم الإعلامي الإماراتي داخلياً وخارجياً.
الهوية لا تُفرض بالقوة، بل تتسلل بالحب والصدق والانتماء. والإعلام هو سلاحها الأذكى. روما غزت اليونان بحد السيف، لكن اليونان غزتها بالفكر والفن. وهنا الدرس: القوة الناعمة تبدأ من صورة، من لهجة، من قصة تُروى جيداً. الإعلام ليس طرفاً في معادلة الهوية، بل هو مركزها. من لا يدرك هذه الحقيقة، فسيتعامل مع الهوية كديكور، ومع الرسالة كإعلان. ونحن لا نملك رفاهية التعامل الخطأ بعد اليوم، لأن العالم لا يرحم من ينسى صوته.
ختاماً، نرفع قبعة الاحترام لمسؤولي الإعلام على هذه الخطوة الجريئة، ونقول لهم: أمامكم مهمة أكبر.. أن تجعلوا كل صوت وصورة تحمل روح الإمارات. وعساكم على القوة.
*إعلامي، وكاتب صحفي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه