سوء فهم يقود إلى المحكمة

محمد نجيب*

في ظل تنوع الثقافات واختلاف العادات بين كثير من الجنسيات، التي ينعم أبناؤها بحياة كريمة ورائعة في دولة الإمارات، تقع أحياناً مواقف ناتجة عن سوء فهم أو تفاهم، مثل استخدام كلمات ربما تكون طبيعية أو مقبولة لدى شعب ما، وتحمل معاني غير لائقة لدى شعب آخر.

ولا تخلو هذه المواقف من الطرافة أحياناً، ففي إحدى الحالات أصرّت سيدة عربية على إقامة دعوى قضائية ضد رجل من جنسية دولة عربية أخرى، لظنها أنه تعمد خدش حيائها في إطار دردشة جرت بينهما عبر تطبيق «واتس أب»، حين كانت تعرض عليه شراء منتج تروّج له الشركة التي تعمل بها.

وبعد مناقشة مستفيضة، خفّت حدة الغضب لديها، واقتنعت بأن الرجل لم يخطئ في حقها، وإنما استخدم تعبيراً دارجاً في بلاده.

وفي المقابل، هناك حالات أخرى وصلت فعلياً إلى المحاكم، وأدين أشخاص بسبب سلوكيات اعتبروها اعتيادية في بلادهم، مثل موظفة في إحدى الشركات حررت شكوى ضد مديرها في العمل تتهمه بخدش حيائها، حين لمس وجهها أثناء حديث مشترك بينهما داخل مقر الشركة.

وأثناء التحقيق الداخلي برر المدير سلوكه بأنه لم يتعمد الاعتداء عليها أو خدش حيائها، وأن ما فعله سلوك مقبول في بلاده، واعتذر لها، لكنها لم تقبل اعتذاره وأصرّت على المضي قدماً وحررت بلاغاً ضده، وأحيل إلى النيابة ومنها إلى محكمة الجزاء.

ولم يتخيّل المدير أن هذا السلوك البسيط سيؤول إلى كل هذه العواقب، إذ أدين من قِبل محكمة أول درجة، وتم تأييد الحكم في جميع الدرجات اللاحقة، لتظل في سجله الجنائي جريمة لم يتخيل أن يتورط فيها، بل لم تكتف الموظفة بذلك، وإنما لاحقته مدنياً، وحكم لمصلحتها بالتعويض.

الحالة السابقة ليست نادرة، لذا يأتي دور القانون الذي يحصن الحقوق، ويحول دون التذرع بالجهل أو اختلاف العادات، إذ يضع حدوداً فاصلة بين المسموح به، وغير المسموح، ومن ثم يجب أن نضع في اعتبارنا دائماً أن ما يمكن أن يكون مقبولاً في مجتمع ما، ربما يكون مسيئاً أو خادشاً للحياء في مجتمع آخر.

ومن الضروري أن ننتبه إلى ذلك حين نستخدم الوجوه التعبيرية (إيموجي) أثناء الدردشة، فكم من مشكلات وقعت بسبب عدم استخدام الرمز المناسب.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر