«آخر برميل نفط»

أمل المنشاوي

تشهد أسعار النفط في السوق العالمية تقلبات حادة تحت وطأة الحرب التجارية غير المسبوقة بين الصين والولايات المتحدة، إلى جانب تراجع الطلب العالمي، في وقت يشهد زيادة في الإنتاج، وذلك منذ بداية العام الجاري.

تدور أسعار النفط الحالية بين 63 و66 دولاراً للبرميل، بينما وُضعت ميزانيات الدول المنتجة في المنطقة عند سعر يراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل.

الصورة الذهنية السائدة عند الكثيرين أن دولة الإمارات بلد نفطي أساساً منذ عقود. نعم وهي كذلك، لكن التوجه الذي ارتكزت عليه خطط الحكومة منذ أكثر من عقدين من الزمن هو «الخروج من عباءة النفط»، رغم استمرار ضخ استثمارات قوية به، نحو اقتصاد متنوع قادر على التكيف مع تقلبات السوق، ومرن في مواجهة الأزمات، حتى بلغت نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الحقيقي 74.6% وذلك في نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2024 بقيمة إجمالية بلغت 987 مليار درهم، وبنمو نسبته 4.5% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2023، ما يعكس أداء قوياً وقياسياً للقطاعات غير المعتمدة على النفط.

وتستهدف الإمارات رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2031.

«الاحتفال بآخر برميل نفط» الذي تعمل الإمارات جاهدة للوصول إليه لم يعن قط إيقاف إنتاج النفط، بل بناء اقتصادٍ موازٍ عبر التعليم، والابتكار، وتنويع مصادر الدخل، لتشمل السياحة، والتكنولوجيا، والصناعات الخضراء، والخدمات المالية.

«آخر برميل نفط» في الثقافة الحكومية الإماراتية رمز للتحول الاقتصادي نحو مستقبل لا يعتمد على النفط، مع التركيز على بناء قدرات بشرية اقتصادية جديدة.

لن يكون هناك استغناء عن النفط في السوق العالمية كمصدر أول للطاقة خلال الـ50 عاماً المقبلة على الأقل، وستشهد أسواقه تقلبات حادة تزامناً مع تغيرات جيوسياسية في مناطق عدة حول العالم، وحتماً سيؤثر ذلك على الدول المعتمدة عليه كلياً أو بنسبة غالبة في دخلها ومواردها المالية، فيما تبقى الأخرى التي قرأت التاريخ، وتعلمت من التجارب، قادرة على المواجهة بما لديها من «موانع صد» نتيجة لتنويع اقتصادها.

إنتاج النفط في الإمارات وما حوله من صناعات بتروكيماوية مصدر اعتزاز كبير هنا، لكن من ينظر إلى أداء بقية قطاعات الاقتصاد وما تتضمنه من نمو وعمل دؤوب وجهد حقيقي، يتوقع أن يكون الاحتفال «بآخر برميل نفط» قبل الموعد المتوقع بكثير.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر