فوضى التواصل الاجتماعي

محمد سالم آل علي

اعتدنا التواصل مع مجتمعنا القريب أو البعيد عبر المكالمات الهاتفية، أو اللقاءات الشخصية التي تحمل دفء العلاقات ومصداقية المشاعر، وكان للتواصل وجه واحد، تتعرف فيه على ملامح الشخص، وصوته وعينيه.

لكن مع تطور التكنولوجيا، تغير مفهوم التواصل بحلوه ومره، وظهرت وسائل التواصل الاجتماعي لتزيل الأقنعة الجميلة منها والسيئة، لتصبح المحادثات مكتوبة أو صوراً معدلة، مشحونة بتفاعل افتراضي بعيد عن الحقيقة.

استوعب الكثيرون أن وسائل التواصل وسيلة للتقرب من الأصدقاء والأقارب، وتبادل اللحظات السعيدة، معتقدين أنها ستحول عالمنا إلى قرية صغيرة يتشارك فيها الجميع الأفراح والأتراح ويتبادلون الأفكار.

لكن ظهر جانب مظلم لم يكن متوقعاً، حيث فهم البعض أن هذه المنصات وسيلة لعرض الأمور الشخصية والحساسة، فضاعت الخصوصية، وباتت الخلافات تعرض على الملأ، فتجد الابن يتشاجر مع والدته عبر منشور عام، أو الأخ يهاجم أخاه في تعليق جارح، وتحول المنزل من مكان للدفء والترابط إلى ساحة للصراعات الرقمية.

أصبحت المنصات ساحة لعرض الاضطرابات النفسية، لتفريغ الغضب أو الإحباط، وصار التنمر الإلكتروني سلوكاً شائعاً، وانتشرت لغة الكراهية والتجريح بين الأفراد وحتى الشعوب والدول، واعتقد البعض أن هذا السلوك نوع من الحرية دون تفكير في تداعياته على الآخرين، وتحول الاختلاف في الرأي إلى هجوم شخصي جارح وسب وشتم وخلق فوضى فكرية.

في خضم هذه الفوضى الرقمية تبرز أهمية استدامة الوعي الوطني في مواجهة الانقسامات الرقمية من خلال برنامج ينتقل من الوطن الصغير إلى الوطن الكبير، لينشر ثقافة المسؤولية الوطنية لدى جميع أفراد المجتمع وبخاصة فئة الشباب، لحمايته من تداعيات هذه الفوضى الرقمية.

وكما يقال: «درهم وقاية خير من قنطار علاج».

وسائل التواصل الاجتماعي ليست المشكلة بحد ذاتها، بل كيفية استخدامها هي التحدي الأكبر، وعندما نتعلم استخدامها لتعزيز الروابط بدلاً من تدميرها، سنحولها إلى وسيلة للتواصل الإيجابي.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر