البيت الكبير.. ضرورة
في الماضي، كان بيت الأخ الكبير أو الأخت الكبيرة هو القلب النابض للعائلة، حيث تلتقي الأجيال، وتُروى الحكايات، وتُبنى الذكريات. لم يكن الأمر خاضعاً للجدل، ولم يكن الحضور يُحسب كالتزام أو «واجب اجتماعي»، بل كان عادة متجذرة في النفوس، وركيزة من ركائز الترابط الأسري.
اليوم، تغيرت المعادلة، فأصبحت التجمعات الأسرية أشبه بنشاط تطوعي، يحضره البعض متى أراد، ويغيب عنه متى شاء، وأحياناً يتم الاتفاق عليه وكأنه اجتماع رسمي تُطرح فيه مواعيد مناسبة للجميع، وكأننا نحاول أن نجد وقتاً وسط جدول أعمال مزدحم لأبسط شيء يجب أن يكون جزءاً من حياتنا وهي العائلة.
لكن هل ندرك خطورة هذا التغيّر؟
عندما تقل اللقاءات العائلية، تتلاشى التفاصيل الصغيرة التي كانت تُغني علاقة بعضنا ببعض، وعندما يصبح اللقاء استثناءً وليس قاعدة، يتراجع الشعور بالأمان الأسري والانتماء.
الاجتماع في البيت الكبير ليس أمراً ثانوياً، بل هو مصدر للقيم، للحب الحقيقي، وللدعم الذي لا يعوّض.
البيت الكبير ليس رفاهية، وليس خياراً يمكن تأجيله، إنه المكان الذي تتشكل فيه الهوية، ويتوارث فيه الأبناء والأحفاد حكايات العائلة، حيث يتعلم الصغار من الكبار، وحيث يكون للضحك، والدعابة، وحتى النقاشات الحادة، معنى لا نجده في أي مكان آخر.
العائلة ليست «مناسبة سنوية» تُرتّب لها المواعيد، بل هي روحٌ تُحيا في لقاءات مستمرة. فلا تجعلوا اجتماعكم ببيت الأخ أو الأخت الكبيرة مجرد ذكرى جميلة من الماضي، بل عادة تعيشونها اليوم، حتى تورثوها لمن بعدكم.
والسؤال هنا: متى كانت آخر مرة اجتمعتم فيها في «البيت الكبير»، ليس كواجب، بل كحب؟
*عضو المجلس الوطني الاتحادي
M_BinTheneya@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه