دروس الصلاة
هل شعرتم يوماً أنكم تركضون في سباق لا خط نهاية له؟ تستيقظون على صوت المنبه، تقفزون من السرير بسرعة، وربما تلتهمون إفطاركم على عجل - هذا إن تذكرتم تناوله أصلاً - ثم تبدأ دوامة لا تتوقف من المهام.
كم من الكتب قرأنا، وكم من الفيديوهات شاهدنا، وكم من المقالات حفظنا عن ظهر قلب، وكلها تعدنا بحلول سحرية لتنظيم الوقت، ولكن هل توقفنا لحظة للتفكير في الحل الأقرب إلينا، ذلك النظام الإيقاعي المنظم الذي يعيش معنا يومياً منذ طفولتنا؟ إنها الصلوات الخمس.
الصلاة هي سلوك يهذب فيه الإنسان شخصيته، فتجعله أكثر التزاماً، وأكثر وعياً بقيمة الوقت، وأكثر قدرة على التركيز على المهام التي بين يديه، فمن يلتزم بأوقاتها يدرك كيف يمكن توزيع المهام اليومية وفقاً لإيقاع منتظم دون تشتت.
الصلاة تعلمنا أن لكل شيء وقته، فلا استعجال ولا تأجيل، بل انضباط حقيقي يجعل إدارة الوقت جزءاً أصيلاً من الشخصية، وليس مجرد مهارة مكتسبة أو عادة مؤقتة.
وفي الصلاة درس آخر، العمل بروح الفريق، الالتزام بالنظام، وتحقيق الأهداف بتركيز وانضباط، يتحدث الغرب عنها كمفاهيم نظرية، بينما نحن نمارسها خمس مرات يومياً دون أن نشعر.
يوقظنا الفجر في وقت هادئ، ليمنحنا لحظة من الصفاء قبل أن يبدأ سباق الحياة، ثم يأتي الظهر ليذكرنا بالتوقف وسط زحمة العمل، لنستعيد طاقتنا ونواصل بنشاط، ونتابع يومنا بالعصر، ليحفزنا لإنهاء المهام قبل أن يغيب النهار، بينما يحمل المغرب في طياته لحظة تأمل مع غروب الشمس، أمّا وقت العشاء فهو نهاية هادئة ليوم طويل، استعداداً لراحة نستحقها.
دروس الصلاة لا تُحصى في مقالة واحدة، إنها فلسفة حياة، تنظم يومنا بتوازن مثالي بين العمل والراحة، بين الجهد والتأمل، بين التركيز والانضباط.
* مؤسس سهيل للحلول الذكية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه