الوجه الآخر

محمد نجيب*

%7 فقط من ضحايا الاحتيال الرومانسي عالمياً يبلغون الأجهزة الأمنية بما تعرضوا له، وفي محيط كل منا ضحايا لهذا النوع من الاحتيال.

وبالمناسبة ليس بالضرورة أن يكونوا نساء، ففي إحدى القضايا، كان الضحية رجلاً أغرته امرأة بالزواج، وظلت تستنزفه مادياً، بل دفعته إلى شراء بيت لها ليكون عش الزوجية، واكتشف في النهاية أنها كانت تغرر به، فقام بمقاضاتها وأنصفه القضاء بحكم نادر في ظل عجز كثير من الضحايا عن إثبات ما تعرضوا له من استغلال.

شاهدت فيلماً وثائقياً عن هذا النوع من الاحتيال، قرر فيه عدد من ضحايا محتال محترف الظهور إلى العلن، وتكاتفن سوياً رغم أنهن من بلدان مختلفة، واستطعن بالفعل دفع السلطات إلى القبض عليه، لكن لم يدن في بلاده إلا بتهمة انتحال صفة وحكم عليه بالحبس فترة قليلة.

وفي قضية أخرى وقعت سيدة في حب رجل أوهمها بأنه جراح أوروبي، واستدرجها بطريقة احترافية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بحجة إقامة مشروع سوياً، وأوقعها في شباكه تدريجياً، وظل يستنزفها مادياً إلى أن استولى على نحو مليون درهم، تاركاً إياها تتألم عاطفياً، قبل أن تعاني مادياً، لأن الإشكالية بحسب شهادات جميع الضحايا تتمثل في ما تخلفه هذه الجريمة من أذى نفسي مدمر.

ومن التبعات الخطيرة لجرائم الاحتيال الرومانسي، ارتباطها في كثير من الحالات بالابتزاز، إذ يحرص المحتال على تصوير ضحيته، أو إغوائها لإرسال صور شخصية لها حتى يبتزها بها حين تكتشف حقيقته.

المشرع حرص على توسيع دائرة التجريم وتشديد عقوبة الاحتيال، وفق القانون رقم 34 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، إذ تصل العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة تصل إلى مليون درهم لكل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة بالاستعانة بطريقة احتيالية، لكن يعتمد الأمر في النهاية على توافر أدلة إثبات كافية بحق المتهمين.

وبكل أمانة أحتار في ما يجب أن ننصح به الناس في هذا الجانب، فرغم كل التحذيرات يقع كثيرون في هذا الفخ بسبب الانفتاح غير المبرر في التعامل مع غرباء عبر منصات التواصل، والتورط معهم في علاقات تنتهي بصورة درامية، لكن كل ما يمكننا قوله: الوقاية أفضل من العلاج.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر