أسرع والتقط صورة
في العام 2009 وتحديداً في التاسع من سبتمبر، جمعت دبي العالم في افتتاح «مترو دبي»، حيث حضر عدد كبير جداً من الصحافيين وممثلي الوكالات ومئات الكاميرات من شتى بقاع الأرض، وسط ردود أفعال متباينة ما بين مندهش ومتعجب، وما بين منكر لأهمية المشروع في إمارة صغيرة بعدد سكان لا يتجاوز حينها المليون ونصف المليون نسمة.
قال أحدهم مبتسماً: «سألتقط صورة لعربات (المترو) اليوم بعد الافتتاح وهي فارغة وننظر بعد عام هل ستظل كما هي أم سنجد فيها ركاباً؟»، وفي أول يومين استخدم المترو 110 آلاف شخص، ما يعادل نحو 10% من سكان دبي في ذلك الوقت.
الآن وبعد مرور أكثر من 15 عاماً أصبح «المترو» العمود الفقري للحركة في دبي، وزاد عدد المحطات المشغلة من 10 إلى 53 محطة على امتداد 90 كيلومتراً، ليسجل بهذه المسافة أطول مشروع «مترو» دون سائق على مستوى العالم، وارتفع عدد الركاب من 20 ألف راكب يومياً إلى أكثر من 767 ألف راكب، أما عن الانضباط في المواعيد فـ«اضبط ساعتك على مترو دبي».
خلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات للعام 2024 التي عقدت في نوفمبر الماضي بأبوظبي، تحدث وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل المزروعي بشجاعة وفهم عن مشكلة الازدحام التي تصاحب النمو المتزايد في كافة قطاعات الاقتصاد، بقوله: «النمو في الإمارات غير مسبوق، وطبيعي أن يصاحبه مشكلات ومنها الازدحام المروري، ومعدل الزيادة في أعداد السيارات لدينا بحدود 8.5%، فيما متوسط المعدل العالمي لا يزيد على 2%».
ومن بين الحلول التي طرحها تشجيع السكان على استخدام النقل الجماعي، لكن على حد قوله: «يجب أن نكون مقنعين، فليس من المعقول أن نقول لشخص اترك سيارتك واركب حافلة تستغرق ثلاث ساعات».
أول من أمس، وبعد مرور أقل من شهرين على اجتماع الحكومة، تم الإعلان عن قطار فائق السرعة يربط بين أبوظبي ودبي في 30 دقيقة، وأتوقع أن يكون بداية لمراحل أخرى من العمران وتأسيس مدن جديدة على طول الطريق، فضلاً عن اختصار المسافة وتسهيل تنقل السكان والارتقاء بجودة الحياة.
ليست مصادفة أن تأتي الإمارات ضمن الدول الخمسة الكبار عالمياً في 15 مؤشراً لجودة البنية التحتية، والأولى عربياً في جودة الطرق، ومن يستخدم أياً من وسائل التنقل هنا يعرف ذلك جيداً، طرق ممهدة وآمنة، ووسائل نقل جماعي حديثة وصديقة للبيئة، وانضباط في مواعيدها بلا توقف، ولن ننتظر طويلاً حتى تدعو الإمارات العالم مرة أخرى سريعاً لالتقاط صورة أخرى أكثر بهاءً وتألقاً وتحدياً.
amalalmenshawi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه