مدير الأحلام
في صباح عادي بدا كأي يوم آخر، كنت أجلس في استراحة الشركة متأملاً كوب الشاي الساخن أمامي، لكن عقلي كان يغلي بأفكار كالمحيط الهائج، بجانبي كان خبراء الشاي يتنافسون في نقاش محتدم حول الإدارة الحديثة، كل منهم يتحدث كأنه مستشار عالمي للشركات الكبرى، كنت مستمتعاً بحديثهم حتى قاطعهم كبير المساعدين بجملة مدوية «الصلاحيات تُنتزع ولا تمنح».
لم أتمالك نفسي حين سمعت تلك الكلمات، كانت كصفعة على وجهي أيقظت شيئاً داخلي، فكرت إذا كانت الصلاحيات تنتزع، فلماذا لا أكون أنا المنتزِع؟ تركت كوب الشاي، وكأنني بطل في مشهد درامي، واتجهت مباشرة إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة.
دون أن أطرق الباب أو أستأذن، اقتحمته، وقلت بثقة متناهية: أنا لو كنت مدير هذه الشركة، لجعلتها عالمية! توقعت صدمة أو استهزاءً، لكنه بدلاً من ذلك نهض من كرسيه، صافحني وقال بابتسامة: مبروك، من الآن أنت المدير التنفيذي، قدنا نحو العالمية!
انطلقت إلى مكتبي الجديد مفعماً بالطموح، أول قراراتي كان تعيين كبير المساعدين كبير المستشارين، بعدها قررت توفير النفقات بإنهاء خدمات المديرين كافة، لأنني كنت واثقاً بقدرتي على متابعة كل شيء بنفسي، ولتسريع العمل ألغيت الاجتماعات. بدا لي أنني أملك وصفة النجاح المثالية!
لكن الحقيقة لم تتأخر في كشف وجهي الآخر، بدأ الإنتاج يتراجع، انخفضت الإيرادات، ومع كل صباح كان سهم الشركة يهوي بسرعة كأن الأرض تبتلع النجاحات السابقة، وأصبحت الشركة في حالة يرثى لها.
وبينما أستعد لفعل ما لا يحمد عقباه، قفزت من نومي مذعوراً، حمدت الله أنه كان مجرد كابوس إداري مرعب!
الإدارة ليست منصباً يمنحك النجاح التلقائي، بل مسؤولية تتطلب الحكمة، والصبر، وفن التعامل مع التحديات.
ما أصعب التطبيق وأسهل التنظير!
* مؤسس سهيل للحلول الذكية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.