قانون عصري

محمد نجيب*

تُولي الدولة أهمية كبيرة للأسرة، وتعزز الرعاية النفسية والاجتماعية لأفرادها بإجراءات متنوعة ورصينة تشمل معظم القطاعات، مثل الصحة والتعليم والإسكان، لكن يظل الجانب التشريعي مظلة بالغة الأهمية تحمي التماسك الأسري، وتوفر ضمانات ناجزة وسريعة لاحتواء خلافاتها في مسار قانوني حداثي يتسق مع مستجدات العصر.

وانطلاقاً من هذه القاعدة صدر المرسوم بقانون اتحادي بشأن قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذي يمثل نقلة في إطار التحديث المستمر للتشريعات، ويتناول مسائل تكون سبباً لكثير من الخلافات، وتترك رواسب نفسية وشخصية لدى طرفي المشكلة، ومن أكثرها شيوعاً النزاعات المتعلقة باسترداد الهدايا والمهر حال العدول عن الخطبة، إذ يضاعف الشعور بالأذى العاطفي والمعنوي من حالة العناد وإصرار الطرف المتضرر على النيل من الآخر.

ونص القانون السابق على ست حالات لاسترداد الهدايا والشبكة، ومطالبة أحد الطرفين بالتعويض حال عدول الآخر عن الخطبة، لكن يعيد القانون الجديد تنظيم هذه المسألة بتحديد الهدايا التي يجوز ردها بتلك المشروطة بإتمام الزواج، أي التي قدمها أحد الطرفين للآخر بنيّة الزواج، إضافة إلى الهدية التي تزيد قيمتها على 25 ألف درهم، إن كانت موجودة أو بمثلها، أو قيمتها يوم الحصول عليها، ما لم تكن من الهدايا التي تستهلك بطبيعتها.

قد يستغرب البعض التطرق تفصيلياً إلى مثل هذه الأمور، لكن الواقع أن هناك نزاعات عدة تنشأ بسببها، فيطالب رجال برد قيمة المهر والهدايا، ويمتد ذلك إلى مصروفات حفل الخطوبة والملابس والتجهيزات وتشطيب منزل الزوجية، وغيرها من مطالبات يكون بعضها من جانب النساء أيضاً.

وهكذا يحسم القانون الجديد المسموح بها من مطالبات حتى يدرك كل طرف حقوقه، وينازع بها الآخر أمام القضاء عن علم ودراية.

وبشكل عام يحرص المشرع من خلال هذا القانون على تبسيط الإجراءات وتسريعها، لأن طول أمد التقاضي خصوصاً في القضايا الشخصية يؤجج الخلاف ويؤثر سلباً في الأبناء حال وجودهم، ومن ثم يختزل القانون إجراءات نظر دعاوى فسخ الزواج للضرر، ويختصر مدة التحكيم من 90 يوماً كما ينص القانون السابق إلى 60 يوماً فقط، إضافة إلى تعديلات أخرى بالغة الأهمية يمكن أن نناقشها تفصيلياً في مقال آخر.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر