التعاطف سرّ الصحة وطول العمر
أن نكون طيبين ومتعاطفين مع الآخرين ليس أمراً نافعاً لهم فحسب، بل هو مفيد لنا أيضاً، وهو ما تدعمه الأبحاث العلمية وإبداعات الأدب والفن عبر العصور.
في كتاب «بيولوجيا التعاطف واللطف» يقدم لوميرا دي فيفو مزيجاً بين الرؤى العلمية والنصائح العملية، التي تؤكد أن التعاطف ليس مجرد شعور مريح، بل هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بصحتنا ورفاهيتنا، ويكشف الكتاب كيف تؤثر قيم مثل اللطف، والتفاؤل، والتسامح، والامتنان، والسعادة في بيولوجيا أجسامنا، ما يسهم في تحسين نوعية الحياة وطول العمر، وعلى سبيل المثال، يؤدي التعاطف إلى تحسين صحة التيلوميرات telomeres، وهي مؤشرات ترتبط بالشيخوخة في خلايانا، وعندما نشارك في سلوكيات إيجابية، مثل مساعدة الآخرين، وتعزيز التواصل، فإننا لا نسهم في سعادة الآخرين فقط، بل نخفف من تأثيرات الشيخوخة فينا أيضاً.
هذا الفهم العلمي يتوازى مع ما ورد في الآداب والفنون عبر التاريخ، من الفلاسفة القدماء إلى المفكرين المعاصرين، نجد أن أفعال التعاطف واللطف والإيثار تعود بالنفع على الجميع. في أعمال شكسبير، تتجلى هذه الفكرة من خلال شخصيات مثل «بروسبيرو» في العاصفة، التي تجد السلام الداخلي والرضا من خلال التسامح واللطف، حتى تجاه أعدائها. إن التعاطف لا يقربنا من الآخرين فحسب، بل يساعدنا على الوصول إلى ذواتنا الحقيقية، وتحقيق التوازن الداخلي.
في الفن، تم تصوير التعاطف كطريق للرفاهية الشخصية والجماعية. وأبدع فنانون مثل رافائيل وميكيل آنجلو أعمالاً تحتفي بالقيم الإنسانية مثل التعاطف والتواضع والمحبة، ما ألهم الأجيال لتبنّي هذه الفضائل. هذه الرسائل تبرز أنه عندما نعيش بالحب والرحمة، نصبح جزءاً من عالم أعظم وأكثر انسجاماً.
التعاطف ليس مجرد فكرة مجردة؛ إنه جزء من بيولوجيتنا وثقافتنا. كما يؤكد لوميرا ودي فيفو، فإن كوننا طيبين مع الآخرين له تأثيرات حيوية ملموسة. نحن كائنات بيولوجية تزدهر رفاهيتنا عندما نهتم بالآخرين. مع بداية هذا العام، يجب أن نتذكر أن التعاطف هو قوة تحول حقيقية، تعود بالفائدة على الجميع.
في 2025، دعونا نستلهم إبداعات الآداب والفنون، ونتبنى أفعال اللطف والرحمة. من خلال ذلك، نخلق تأثيراً إيجابياً مستداماً يعم على صحتنا وسعادتنا، وسعادة من حولنا أيضاً. فليكن التعاطف واللطف قوة محورية تحويلية في حياتنا، ولنخلق بذلك اتصالاً عميقاً مع الآخرين، وننعم بصحة وحياة مملوءة بالسلام الداخلي.
وكل عام وأنتم بخير وسعادة.
*باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه