ودِّع عاماً

أمل المنشاوي

قل لذلك الذي يجمع أوراقه ويستعد للرحيل، إنك تعلمت فيه الكثير من النضج والخبرات وأضفت للحياة وأضافت لك، واختبرت عثراتها فمنحتك القدرة على الصمود ومواصلة الطريق.

شُد على يديه قدر ما أقام ظهرك وشدّ عضدك كلما أوشكت على السقوط، وقدّر ما أعادك في كل مرة كنت تحاول فيها التخلي عن أحلامك واعتزال الجميع، واشكره على مساحتك الخاصة التي وهبها لك لتجفف فيها دمعك وتداوي جُرحك، بعيداً عن لوم اللائم وشماتة من لا يحبك.

اطوِ صفحات أولئك الذين آذوك وخذلوك وطعنوك، وأبعدهم قدر ما تحتاج إلى الراحة منهم، وانتصر لهدوئك وسلامك وانظر إلى ما كان فيه من النعم واللطف والستر، فمهما كان الوجع والألم والحزن، مازلت قوياً بما يكفي للبدء من جديد كل فجر.

ابتسم كلما تذكرت عتمة روحك التي ظننت أنك لن تنجو منها ونجوت، أو حين أدارت لك الدنيا ظهرها وخارت قواك، فلم تستسلم، وعلى الرغم من الخوف والانكسار انتصرت.

أعد ترتيب نفسك المبعثرة على حواف الطرقات وفي قلب الفوضى، وبين الأشياء التي تهدر الوقت والعمر، وانتشلها من متاهات الجدال مع من لا يفهمك ولا يريد أن يلتقيك في منتصف الحوار، وابتعد بها عمن لا يعرف قدرها ولا يصون ودّها.

أخبر أحبتك بأنهم الأهم في عالمك والأكثر قرباً والأغلى على قلبك، وأنهم رفقاء الرحلة والطريق وبدونهم لم تكن أبداً سعادتك لتكتمل، وأنك تحتمل بهم دون غيرهم ولأجلهم كل الحماقات والتفاهات والشر.

دع إخفاقاتك تذهب مع رحيل العام ، ونل شرف المحاولة من جديد، واقبض على أملك في غد أفضل تنبت مع بزوغ شمسه أحلام أكثر وردية، وتتحقق فيه أمنياتك مهما تأخرت، فأنت قادر طالما أنه في العمر بقية، وتذكر دوماً أنك ابن الحياة المكرّم من المولى عز وجل، وحامل رسالته وخليفته في إعمار الأرض.

ودِّع عاماً قبل أن يصبح ماضياً لن يعود وذكرى، قبل أن يغدو رقماً في عمر الزمن، واسترجع شهوره وأيامه بكل حلوها ومرّها، وابتسم للعذب واحمد الله عز وجل على أن المر انتهى ومَرّ، وأخبره أنه وهبك أوقاتاً حلوة، وتجارب لن تُنسى، وسعادة بحجم الكون مع كل صباح من صباحاته استيقظت فيه وأنت بخير.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر