زمن «المُمَثِّرين»

د. بروين حبيب

كما نحت الروائي إميل حبيبي لفظة جديدة من كلمتي المتشائم والمتفائل في عنوان روايته «المتشائل»، خطر بالبال وضع مصطلح «المُمَثِّر» للمؤثرين الذين غزوا المسلسلات الرمضانية، يجمع بين صفتي الممثل والمؤثر.

والممثر هو أحد مشاهير «السوشيال ميديا» الذين طمع المنتجون في نجوميته على وسائل التواصل الاجتماعي فأشركوه في مسلسل رمضاني - لا يهم إن كان بطلَ المسلسل أو سنّيداً - لاستقطاب مئات الآلاف من متابعيه.

أما إذا كان يجيد التمثيل أو لا يجيده، فذلك ليس مهماً ما دام معجبوه يتابعونه ويدافعون عنه ظالماً أو مظلوماً، وسيجد كذلك من الإعلاميين من يطبل له ويجامله.

أصبحت «السوشيال ميديا» الواقعَ البديلَ، خصوصاً لدى فئة الشباب، فبعضهم يعيش في شاشة هاتفه الذكي أكثر مما يعيش في واقعه الغبي، لذلك ليس مستهجناً ولا مرفوضاً انتقال هؤلاء المؤثرين من شاشة الهاتف إلى شاشة التلفزيون، خصوصاً أن منهم من يمتلك موهبة فطرية في التمثيل، بل إن حضوره في وسائل التواصل قائم على تمثيل مواقف كوميدية مثلاً ولأجلها يتابعه مئات الآلاف، لكن المستهجن والمرفوض أن تكون شهرة نجم «السوشيال ميديا» هي المقياس الوحيد لاختياره ممثلاً في المسلسل الرمضاني أو أي فيلم سينمائي، ومن الغبن أن نرى ممثلاً حقيقياً راكم إلى جانب موهبته خبرةً من خلال المسرح وتعليماً في معاهد الفنون المتخصصة تؤهله لتشخيص أي دور درامي معقد يُستبعد لمصلحة «أنفلونسر» بنى شهرته على «الإفيهات» المضحكة والتهريج، ثم يُطلب منه أداء دور لو عرض على نور الشريف أو أحمد زكي لترددا في قبوله لتركيبه وصعوبته.

ألا يكفي «السوشيال ميديا» أن صارت تستحوذ على حصة مهمة من موضوعات المسلسلات الرمضانية تكبر يوماً بعد يوم، وأنا على يقين أن قصصها ستصبح الثيمة الأولى بلا منازع في المواسم القادمة، وستحتل بقضاياها ونجومها شاشات التلفزيون.

وليس صحيحاً ولا عملياً للحد من ظاهرة تمثيل نجوم مواقع التواصل قرارُ نقابة المهن التمثيلية المصرية بفرض عقوبات على غير المنتسبين إلى النقابة والمراد بهم نجوم «السوشيال ميديا»، بل الأجدى ألا يكون اللهاث وراء جني الأموال هو الهمّ الوحيد لصنّاع المسلسلات الرمضانية، فمن حق المشاهد عليهم أن يرى من يمثلون لمتعته ولا يمثلون عليه، فليعتمد هؤلاء الصنّاع على المؤثرين وهو حقهم، ولكن على الأقل باشتراط الحد الأدنى من الموهبة، وإلا فلنتوقع أن نرى أمثال التركي الذي يهز بطنه في «تيك توك» بطلاً لمسلسل عن فاتح الأندلس طارق بن زياد.

DrParweenHabib1@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر