«تذكري.. وابتسمي»

أمل المنشاوي

بقلوب تود لو تقفز من الصدور وفوق الحواجز والعادات والتقاليد، واستعجال للغد الذي تأخر كثيراً في نظرنا، وعطش للحرية لا يرتوي أبداً.

عود معوج يرفض التطويع، ويتصدى لمحاولات إقامته قوياً مستقيماً، وكلمة «لا» عنوان دائم في الرد على التوجيه.

فكر جديد، وزمن مختلف، وعالم آخر لا يحتمل الصبر لاكتشافه والاستمتاع به.

صوت مرتفع وغضب على الأشياء التافهة، وحرج من المواقف العادية، ورغبة عارمة في تغيير الظروف والكون بأكمله.

«لقد كبرنا يا أمي، على النصائح والوصايا، وبات بوسعنا تقدير الأمور، وفهم النوايا والدواخل، والتحسب للخطوات على الطرق الجديدة»، «سئمنا يا أمي من حدود» العيب و«الحرام» و«غير المسموح».

هكذا كانت حالنا مع أمهاتنا، في مرحلة ما من العمر، وحال أبنائنا معنا، كنا نظن أننا مختلفون، وأننا سنربي أبناءنا بطريقة أخرى أكثر انفتاحاً وأكثر سعادة وأكثر تلبية لرغباتهم، ثم رويداً رويداً تسحبنا الحياة لنصبح مثلهن، في الملامح والطباع، نردد الكلمات والنصائح والعظات ذاتها، نخاف على صغارنا خوفهن ذاته، ونحدب عليهم نفس حدبهن.

يأخذنا الحنين إلى مساحات الأمان، وراحة البال في حضورهن، فندرك كم كنا حمقى حين استعجلنا الرحيل والاستقلال، نشتاق لرائحة طعامهن ودفء أسرّتهن وسعة صدورهن وصبرهن على الجنوح وعدم الفهم حتى استقام العود ونضج العقل.

نكبر فندرك قيمتهن في حياتنا، وأننا نمضي بستر دعواتهن، ورصيد محبتهن غير المشروط.

نرى وسط تجاعيد الزمن فوق جباههن تواريخ أيامنا وما بذلنه لأجل تربيتنا وتعليمنا فن الحياة، ونعرف أن الأمر لم يكن أبداً هيناً حين نتبادل الأدوار، ونجلس على المقاعد ذاتها.

أنظر لأبنائي وأتذكر كلمات جدتي - رحمها الله - وهي تنصحني: «غداً تَذكري مواقف أمك وتضحكين على نفسك»، وها أنا ذا أذكرها كل يوم وأبتسم: «يا الله ما أشبهني بأمي» فيا سيدتي كل عيد وأنتِ أمي وأنا أكثر وأكثر أشبهك.

كما عودتنا الإمارات كل عام في رمضان على إطلاق مبادرات خيرية وإنسانية، تُعدّ حملة «وقف الأم» بهدف تكريم الأمهات في دولة الإمارات من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم بشكل مستدام، حملةً تستحق الدعم، وتتنظر إسهامات الجميع، وتنطلق من حقيقة أساسية وهي أن الأم المدرسة الأولى في الحياة.

كل عام وأمهات العالم بألف خير، ولكل فتاة أقول: حين تصبحين امتداداً لأمك «فتذكري كلماتها ومواقفها ونصائحها.. وابتسمي».

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر