تمثيلات النوم في الأدب

قرأت مرة أنّ النوم يجعل النائمين متساوين، على الرغم من اختلاف الأسرَّة «جمع سرير»، والأسرار، لكن الاستيقاظ يقسّم النائمين، ويجرّهم إلى الحروب والصراعات.. فإذا نام العالم أكثر، فستقلّ الانقسامات، وتخفت الصراعات، ويعمّ البشرية الوئام.

لست متأكداً من صحة هذا القول، تختلف نومة كل إنسان عن نومة جاره. النوم ضروري وكل شخص يمارسه أو (يأمل ذلك)، لكن التجربة الفعلية لا يمكن مشاركتها. عندما يذهب شخص ما إلى النوم، يقوم وحده بهذه الممارسة الاعتيادية، وعندما يدخل عالم الأحلام، يسير بمفرده ويخال نفسه منخرطاً في حياة كأنها حياة اليقظة أو في تهيؤات وخيالات. يقول الفيلسوف الصيني تشوانغ تسو (ت. 290 ق.م): «حلمت أنني فراشة، تطير في السماء ثم استيقظت. الآن أتساءل: هل أنا رجل حَلم بأنه فراشة، أم أنا فراشة تحلم بأنها رجل؟»

وقد جاء النوم عنواناً لكثير من الروايات الشهيرة، مثل: «الجميلات النائمات» للياباني ياسوناري كواباتا، «صحّ النوم» ليحيى حقي، «طعم النوم» لطارق إمام و«النوم عند قدمي جبل» للسوداني حمور زيادة.

والنوم والموت من عائلة واحدة، كما في أساطير اليونان القديمة، نقرأ فيها أنّ إله النوم اليوناني هو هيبنوس Hypnos، وننسى أنه شقيق الموت Thanatos، فهل النوم هو موت قصير أم الموت سبات طويل؟

للكاتب الأميركي واشنطون إرفنغ قصة قصيرة بعنوان «Rip van Winkle»، التي نشرت في عام 1829، عن رجل يلتقي برجال هولنديين غامضين، ويشاركهم الشراب ويغفو في نوم عميق في جبال كاتسكيل. يستيقظ بعد 20 عاماً إلى عالم مختلف تماماً، حيث فاتته الثورة الأميركية. هنا نرى الحياة تتغير وسيروتها تستمر ولا تتوقف أثناء نوم البشر.

ولا يقتصر ارتباط النوم بالتحول والتغير فنحن نجده يرتبط بالذنب، فنرى أن النوم يجافي شخصية الوزير «رأفت رستم-الممثل أحمد زكي» في فيلم «معالي الوزير»، ويصبح النوم للحظات مستحيلاً. وفي مسرحية «مكبث» لشكسبير، يسلّط الضوء على كيفية تأثير الذنب في النوم من خلال شخصيات مكبث وليدي مكبث.

يُظهر شكسبير كيف أن الشعور بالذنب يؤثر في النوم، حيث يُطارد الذنب مكبث وليدي مكبث في أحلامهما، ويؤدي إلى تدهور صحتهما العقلية. يجسّد شكسبير ببراعة كيف يمكن للذنب أن يؤثّر في النوم، ويغيّر حياة الإنسان، ما يجعل هذا الموضوع أحد الجوانب المركزية والمثيرة في هذه المسرحية الشهيرة.

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة