أهلاً وسهلاً يا رمضان

ما أجمل أن يُهلَّ علينا شهر رمضان، شهر التوبة والغفران، ونحن في صحة وعافية وأمان، نتودد فيه إلى الله تعالى طلباً للغفران، والعوذ من النيران.

هذا الشهر الذي هو سيد الشهور والأزمان، الذي اختاره الله تعالى لتنزُّل القرآن، وخصنا به معاشر المسلمين من بين بني الإنسان؛ لأننا أمة سيد ولد عدنان الذي اختصه الله لأن يكون رحمة للعالمين.

هذا الشهر العظيم الذي كان يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه من دون سائر الشهور، فيقول: «أظلَّكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله، ما مر بالمؤمنين شهر خير لهم منه، ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله عز وجل ليكتب أجره ونوافله من قبل أن يُدخله، ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يُدخله، وذلك أن المؤمن يُعد فيه القوة للعبادة من النفقة، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس، واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، وغرم على الفاجر».

يبشر بقدومه لتتهيأ النفوس لاستقباله بنية صالحة أن تصومه وتقومه إيماناً وتصديقاً بما أعده الله تعالى للصائمين، واحتساب ذلك الأجر عند رب العالمين، وبعزيمة أكيدة على التنافس فيه بالقيام، وتلاوة القرآن، والصدقات والإحسان، والابتهال إلى الله تعالى بالدعاء والاستغفار، وكل ما يحبه الله تعالى من صالح القول والعمل، لأنه شهر التجلي الإلهي على عباده، فمن حُرم خيره فقد حُرم، ومن اكتسب فيه السيئات فهو الذي رغم أنفه، وخسر خسراناً مبيناً.

إن هذا الشهر العظيم هو مِنَّة الله تعالى علينا معاشر المسلمين، لما فيه من التجلي الإلهي على عباده بالعفو والمغفرة والعتق من النيران إن هم أقبلوا عليه برغبة ومحبة وتنافس في الخيرات، كما أمرهم الله تعالى بقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، وقد بيّن النبي عليه الصلاة والسلام أن الله يكتب أجره ونوافله من قبل أن يدخله، وما ذلك إلا بما بيَّته المؤمن من نياته الصالحة في استغلاله بمرضاة الله تعالى، وفيه دليل على أهمية النية الصالحة في نيل الأجر العظيم، حتى وإن عجز المرء عن تحقيق ما نواه لمرض أو عذر، فإن الله تعالى يكرمه بنيته، وكما قال أهل العلم: «نية المرء خير من عمله». اللهم كما بلغتنا رمضان فوفقنا فيه للصيام والقيام وصالح الأعمال وتقبلها منا يا رحمن.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة